الآدميين قبل الاستعداء من ذي الحق عليه، ولا يحبس ولا يضرب للدين، وينكر على القضاة إن احتجبوا عن الخصوم أو قصروا في النظر في الخصومات، وعلى أئمة المساجد المطروقة إن طولوا الصلاة كما أنكر (ص) على معاذ ذلك، ويمنع الخونة من معاملة النساء لما يخشى فيها من الفساد، وليس له حمل الناس على مذهبه. (و) من فروض الكفايات (إحياء الكعبة) والمواقف التي هناك (كل سنة بالزيارة) مرة، لأن ذلك من شعائر الاسلام.
تنبيه: المراد بالزيارة كل سنة أن يأتي بحج وعمرة، فلا يكفي إحياؤها بالاعتكاف والصلاة، وإن أوهمت عبارته الاكتفاء بذلك ولا بالعمرة كما قاله المصنف، إذ لا يحصل مقصود الحج بذلك، لأن المقصود الأعظم من بناء الكعبة الحج فكان به إحياؤها، فيجب الاتيان كل سنة بحج وعمرة، ولا يشترط في القائمين بهذا الفرض قدر مخصوص:
بل الفرض أن يحجها كل سنة بعض المكلفين، قاله في المجموع. قال الأسنوي: ويتجه اعتباره من عدد يظهر بهم الشعار اه. ونوزع في ذلك. فإن قيل: كيف الجمع بين هذا وبين التطوع بالحج، لأن إحياء الكعبة بالحج من فروض الكفايات، فكل وفد يجيئون كل سنة للحج فهم يحيون الكعبة، فمن كان عليه فرض الاسلام حصل بما أتى به سقوط فرضه، ومن لم يكن عليه فرض الاسلام كان قائما بفرض كفاية، فلا يتصور حج التطوع؟ أجيب بأن هنا جهتين من حيثيتين: جهة التطوع من حيث أنه ليس عليه فرض الاسلام، وجهة فرض الكفاية من حيث الامر بإحياء الكعبة، فصح أن يقال هو تطوع من حيث أنه ليس عليه فرض عين، وأن يقال فرض كفاية من حيث الاحياء، وبأن وجوب الاحياء لا يستلزم كون العبادة فرضا، لأن الواجب المعين قد يسقط بالمندوب كاللمعة المغفلة في الوضوء تغسل في الثانية أو الثالثة، والجلوس بين السجدتي بجلسة الاستراحة، وإذا سقط الواجب المعين بفعل المندوب ففرض الكفاية أولى، ولهذا تسقط صلاة الجنازة عن المكلفين بفعل الصبي، ولو قيل يتصور ذلك في العبيد والصبيان والمجانين، لأن فرض الكفاية لا يتوجه إليهم لكان جوابا. (و) من فروض الكفايات (دفع ضرر) المعصومين، ولو عبر به كان أولى (المسلمين) وغيرهم على الموسرين (ككسوة عار) منهم (وإطعام جائع) منهم (إذا لم يندفع) ضررهم (بزكاة و) لا (بيت مال) واقتصر عليهما لأنهما أغلب من غيرهما، وإلا ففي معناهما سهم المصالح ونحوه كوقف عام ونذر وكفارة ووصية صيانة للنفوس.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن المراد بالكسوة ستر ما يحتاج إليه البدن. قال في المهمات: وهو كذلك بلا شك فيختلف الحال بين الشتاء والصيف، وتعبير الروضة يستر العورة معترض، وظاهر كلامه أيضا وجوب دفع الضرر ، وإن لم يبق لنفسه شيئا، لكن الأصح ما في زيادة الروضة عن الإمام أنه يجب على الموسر المواساة بما زاد على كفاية سنة، ومقتضاه أنه لا بوجه فرض الكفاية بمواساة المحتاج على من ليس معه زيادة على كفاية سنة وهو كذلك وإن قال البلقيني: هذا لا يقوله أحد ولا ينافيه ما في الأطعمة من وجوب إطعام المضطر وإن كان يحتاجه في ثاني الحال، فإن هذا في المحتاج غير المضطر وذاك في المضطر، وهل يكفي سد الضرورة أم يجب تمام الكفاية التي يقوم بها من تلزمه النفقة؟
فيه وجهان: مقتضى كلام الرافعي في الأطعمة أن ذلك على القولين فيما إذا وجد المضطر الميتة ترجيح الأول، والأوجه ترجيح الثاني، ولا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح، ويجب أيضا على الموسرين فك أسرى المسلمين من مالهم، ولا يجب على الإمام ابتياعهم من بيت المال كذا في بعض شروح الكتاب. قال بعضهم: ولعله محمول على أسير تعذبه الكفار كما في الروضة في باب الجزية لكن في باب الهدنة أن الفداء مستحب وبهذا الحمل يجمع بين كلامي الروضة أيضا. أما أسارى الذميين ففيهم احتمالان: والأوجه فيهم التفصيل. (و) من فروض الكفايات إعانة القضاة على استيفاء الحقوق للحاجة إليها و (تحمل الشهادة) إن حضر المتحمل المشهود عليه، فإن ادعى الشاهد للتحمل لم يجب عليه إلا أن