مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٧
قال المصنف في زيادة الروضة: ينبغي أن لا يضمن الأجير والمودع إذا أتلفت نهارا، لأن على صاحب الزرع حفظه نهارا، وتفريط الأجير إنما يؤثر في أن مالك الدابة يضمنه اه‍. وحيث وجب الضمان فهو على مالك الدابة، قال الإمام: ولم يعلفوا الضمان برقبة البهائم كما علفوه برقبة العبد، لأن الضمان فيها تتلفه البهيمة يحال على تقصير صاحبها والعبد ذو ذمة يلزم. ويستثنى من الدواب الحمام وغيره من الطيور فلا ضمان بإتلافها مطلقا كما حكاه في أصل الروضة عن ابن الصباغ وعلله بأن العادة إرسالها، ويدخل في ذلك النحل، وقد أفتى البلقيني في نخل لانسان قتل جملا لآخر بعدم الضمان، وعلله بأن صاحب النحل لا يمكنه ضبطه والتقصير من صاحب الجمل. ثم استثنى المصنف من تضمين المالك ليلا ما تضمنه قوله (إلا أن لا يفرط) صاحب الدابة (في ربطها) ليلا بأن أحكمه فانحل، أو أغلق الباب عليها ففتحه لص، أو انهدم الجدار فخرجت ليلا فأتلفت زرع الغير فلا ضمان لعدم التقصير منه، وكذا لو خلاها في موضع بعيد لم تجر العادة بردها منه إلى المنزل ليلا كما حكاه البلقيني عن الدارمي والقاضي الحسين (أو) فرط في ربطها لكن (حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها) عنه حتى أتلفته فلا يضمن على الصحيح وإن أشعر كلامه بالجزم به لتفريطه، فإن كان زرعه محفوفا بمزارع الناس ولم يمكن إخراجها إلا بإدخالها مزرعة غيره لم يجز له أن يقي مال نفسه بمال غيره، بل يصبر ويغرم صاحبها كما مرت الإشارة إليه (وكذا إن كان الزرع في) مكان (محوط له باب تركه) صاحبه (مفتوحا) فلا يضمن مالكها ولو ليلا (في الأصح) لأنه مقصر بعدم غلقه. والثاني يضمن لمخالفته للعادة في ربطها ليلا.
فروع: لو ألقت الريح في حجرة ثوبا مثلا فألقاه ضمنه لتركه الواجب عليه فليسلمه إلى المالك ولو إلى نائبه، فإن لم يجده فالحاكم، ولو دخلت دابة الغير ملكه وجب عليه ردها لمالكها إلا إن كان المالك هو الذي سيبها فيحمل قولهم فيما مر أخرجها من زرعه إن لم يكن زرعه محفوفا بزرع غيره على ما إذا سيبها المالك، أما إذا لم يسيبها فيضمنها مخرجها، إذ حقه أن يسلمها لمالكها، فإن لم يجده فإلى الحاكم، ولو سقط شئ من سطح غيره يريد أن يقع في ملكه فدفعه في الهواء حتى وقع خارج ملكه لم يضمن كما قاله البغوي في فتاويه، ويدفع صاحب الزرع الدابة عن زرعه دفع الصائل، فإن تنحت عنه لم يجز إخراجها عن ملكه، لأن شغلها مكانه وإن كان فيه ضرر عليه لا يبيح إضاعة مال غيره، ولو دخلت دابة ملكه فرمحته فمات فكإتلافها زرعه في الضمان وعدمه فيفرق بين الليل والنهار، ولو حمل متاعه في مفازة على دابة رجلا بلا إذن منه وغاب فألقاه الرجل عنها، أو أدخل دابته زرع غيره بلا إذن منه فأخرجها من زرعه فوق قدر الحاجة فضاعت ففي الضمان عليه لهما وجهان: أحدهما وهو الأوجه لا لنعدي المالك وإن قال بعض المتأخرين الأوجه الثاني وهو الضمان لتعدي الفاعل بالتضييع. (وهرة تتلف طيرا أو طعاما) أو غيره (إن عهد ذلك منها ضمن مالكها) أي صاحبها الذي يؤويها ما أتلفته (في الأصح ليلا) كان (أو نهارا) كما يضمن مرسل الكلب العقور ما يتلفه، لأن مثل هذه ينبغي أن تربط ويكف شرها، وكذا كل حيوان مولع بالتعدي كالجمل والحمار الذين عرفا بعقر الدواب وإتلافها. والثاني لا يضمن ليلا ولا نهارا، لأن العادة لم تجز بربطها. وقضية هذه العلة أنه لو كان الحيوان المفسد مما بربط عادة فتركه ضمن ما يتلفه قطعا، وبه صرح الإصطخري والمراد تعهد المالك ونحوه ذلك منها لأنه حينئذ مقصر بإرسالها (وإلا) بأن لم يعهد منها إتلاف ما ذكر (فلا) يضمن (في الأصح) لأن العادة حفظ الطعام عنها لا ربطها. والثاني يضمن في الليل دون النهار كالدابة، ولو هلكت في الدفع عن حمام ونحوه فهدر لصيالها، ولو أخذت حمامة وهي حية جاز فتل أذنها وضرب فمها ليرسلها فتدفع دفع الصائل بالأخف فالأخف، ولو صارت ضاربة مفسدة فهل يجوز قتلها في حال سكونها؟ وجهان: أصحهما وبه قال القفال لا يجوز، لأن ضراوتها عارضة
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548