مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٧٤
بالمطعوم ووصولها للعصب، وعند أهل السنة أن الادراك المذكور بمشيئة الله تعالى، يعني أن الله تعالى يخلق ما ذكر عند المخالطة المذكورة، وعلى هذا القول ينبغي كما قال شيخنا أن يكون كالنطق مع اللسان فتجب دية واحدة للسان.
ثم ذكر أنواع الطعوم واقتصر كالأصحاب منها على خمسة، فقال: (ويدرك به) أي الذوق (حلاوة وحموضة ومرارة وملوحة وعذوبة) قال الماوردي: وفرعها أهل الطب إلى ثمانية، ولا تعتبرها في الأحكام لدخول بعضها في بعض كالحرافة مع المرارة (وتوزع) الدية (عليهن) أي الخمسة، فإذا أبطل إدراك واحدة منهن وجب فيها خمس الدية وهكذا (فإن نقص) الادراك نقصا لا يتقدر بأن يحس بمذاق الخمس لكن لا يدركها على كمالها (فحكومة) تجب في ذلك النقص وتختلف بقوة النقصان وضعفه، فإن عرف قدره فقسطه من الدية، ولو اختلف الجاني والمجني عليه في ذهاب الذوق امتحن بالأشياء المرة ونحوها كالحامضة الحادة بأن يلقيها له غيره معافصة، فإن لم يعبس صدق بيمينه وإلا فالجاني بيمينه. الشئ الثامن هو ما ذكره بقوله: (وتجب الدية في) إبطال (المضغ) كأن يجني على أسنانه فتخدر وتبطل صلاحيتها للمضغ لأنه المنفعة العظمى للأسنان وفيها الدية فكذا منفعتها كالبصر مع العين والبطش مع اليد.
تنبيه: قال ابن شهبة: لم يرد فيه خبر ولا أثر ولم يتعرض له الشافعي ولا جمهور الأصحاب، وإنما قاله الفوراني والإمام وتبعهما من بعدهما. الشئ التاسع هو ما ذكره بقوله: (و) تجب الدية في إبطال (قوة إمناء بكسر صلب) لفوات المقصود وهو النسل، بخلاف انقطاع اللبن بالجناية على الثدي، فإن فيه حكومة فقط لأن الرضاع يطرأ ويزول واستعداد الطبيعة للامناء صفة لازمة للفحول، ونازع البلقيني في ذلك وقال: الصحيح بل الصواب عدم وجوب الدية لأن الامناء الانزال، فإذا أبطل فوته ولم يذهب المني وجبت الحكومة لا الدية لأنه قد يمتنع الانزال بما يسد طريقه فيشبه ارتتاق الاذن اه‍. وهو إشكال قوي ولكن لا يدفع المنقول. والصلب الظهر، ويقال: الصلب بفتحتين كفرس ذكره ابن فارس. الشئ العاشر هو ما ذكره بقوله: (و) تجب الدية في إبطال (قوة حبل) من المرأة لفوات النسل فيكمل فيه ديتها لانقطاع النسل كذا صوره الرافعي. قال في المطلب: ويحتمل تصويره بإذهابه من الرجل أيضا بأن يجنى على صلبه فيصير منيه لا يحبل فتجب فيه الدية. قال: ويتصور ذلك أيضا بما إذا جنى على الأنثيين، فإنه يقال أنهما محل انعقاد المني. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون محل إيجاب الدية بإذهاب الاحبال في غير من ظهر للأطباء أنه عقيم، وإلا فلا تجب. الشئ الحادي عشر هو ما ذكره بقوله: (و) تجب الدية في (ذهاب جماع) من المجني عليه بجناية على صلبه مع بقاء مائه وسلامة ذكره فيبطل التلذذ بالجماع لأن ذلك من المنافع المقصودة، وقد ورد الأثر فيه عن الخلفاء الراشدين، ولو ادعى المجني عليه ذهابه وأنكر الجاني صدق المجني عليه بيمينه لأنه لا يعرف إلا منه كما إذا قالت المرأة حضت ولو أبطل إمناءه أو لذة جماعه بقطع الأنثيين وجب ديتان كما في إذهاب الصوت مع اللسان. الشئ الثاني عشر هو ما ذكره بقوله: (وفي إفضائها) أي المرأة بجناية عمدا أو شبهة أو خطأ بوطئ أو بغيره (من الزوج وغيره دية) أي ديتها كما عبر به في المحرر، لما روي عن زيد بن ثابت ولفوات منفعة الجماع أو اختلالها، وعلله الماوردي بأنه يقطع التناسل لأن النطفة لا تستقر في محل العلوق لامتزاجها في البول فأشبه قطع الذكر.
تنبيه: إنما نص على غير الزوج لأن في كلام بعضهم ما يقتضي الاهدار في الزانية، وسواء في ذلك المكرهة والمطاوعة، لأن المطاوعة لا تقتضي الاذن في الافضاء، وأصل الافضاء من الفضاء، وهي البرية الواسعة. (وهو) أي الافضاء (رفع ما) أي حاجز (بين مدخل ذكر ودبر) فيصير سبيل جماعها وغائطها واحدا، إذ به تفوت المنفعة بالكلية (وقيل) وجزم به في الروضة كأصلها في إثبات الخيار، فقالا: الافضاء رفع ما بين مدخل (ذكر و) مخرج (بول) فيصير سبيل جماعها وبولها واحدا، لأن ما بين القبل والدبر قوي لا يرفعه الذكر وبينهما عظم لا يتأتى كسره
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548