لأنه لو انفرد أحدهما بما قال لم يحكم بوقوع طلاقه لجواز أنه غير غراب، والأصل بقاء النكاح فتعليق الآخر لا يغير حكمه.
تنبيه: مشى المصنف في نكته على اختيار شيخه ابن مالك في اتصال الضمير الواقع خبر كان، ولكن جمهور النحاة على الانفصال. (فإن قالهما رجل لزوجتيه طلقت إحداهما) لا بعينها لوجود إحدى الصفتين، لأنه لا بد فيه من أحد الوصفين، إذ ليس بين النفي والاثبات واسطة. (ولزمه) مع الاعتزال عنهما إلى تبين الحال لاشتباه المباحة بغيرها، (البحث) عن الطائر (والبيان) لزوجته إن أمكن واتضح له حال الطائر ليعلم المطلقة دون غيرها. فإن طار ولم يعلم حاله لم يلزمه بحث ولا بيان.
تنبيه: هذا في الطلاق البائن، وفي الرجعية إذا انقضت عدتها لما سيأتي من عدم وجوب البيان فيما لو طلق إحدى زوجتيه طلاقا رجعيا، لأن الرجعية زوجة. (ولو طلق إحداهما بعينها) كأن خاطبها بطلاق وحدها، أو نواها بقوله: إحداكما طالق، (ثم جهلها) بعد ذلك بنسيان ونحوه، (وقف) وجوبا أمره عنهما من قربان وغيره، (حتى يذكر) بتشديد الذال المعجمة كما ضبطه بعضهم، أي يتذكر المطلقة بأن يعرفها، والجهل المقارن للطلاق كما لو طلق في ظلمة كذلك.
تنبيه: لو عبر بدل ثم بالواو كان أعم. (ولا يطالب) الزوج (ببيان) للمطلقة (إن صدقتاه) أي الزوجتان (في الجهل) بها، لأن الحق لهما، فإن كذبتاه وبادرت واحدة وقالت: أنا المطلقة لم يقنع منه بقوله: نسيت أو لا أدري وإن كان قوله محتملا بل يطالب بيمين جازمة أنه لم يطلقها، فإن نكل حلفت وقضى بطلاقها. قال الأذرعي: ولو ادعت كل منهما أو إحداهما أنه يعلم التي عناها بالطلاق، وسألت تحليفه أنه لا يعلم ذلك ولم تقل في الدعوى أنه يعلم المطلقة، فالوجه قبول هذه الدعوى وتحليفه على ذلك. (ولو قال لها) أي لزوجته (ولأجنبية: إحداكما طالق، وقال: قصدت) بالطلاق (الأجنبية، قبل) قوله بيمينه (في الأصح) وعبر في الروضة بالصحيح المنصوص، لأن الكلمة مترددة بينهما محتملة لهذه ولهذه، فإذا قال: عينتها صار كما لو قال للأجنبية: أنت طالق. والثاني: لا يقبل، وتطلق زوجته لأنها محل الطلاق فلا ينصرف عنها إلى الأجنبية بالقصد.
تنبيه: أفهم قوله: قصدت الأجنبية أنه إذا لم يكن له قصد تطلق زوجته، وهو ما في الروضة وأصلها عن فتاوى البغوي وأقراه. قال في المهمات: ويتجه أن محل ما قاله البغوي فيما إذا لم يصدر عن الأجنبية طلاق منه أو من غيره، فإن كان قد وقع عليها ذلك لم يحكم بطلاق زوجته بما وقع منه، لأن الكلام الذي صدر منه صادق عليهما صدقا واحدا والأصل بقاء الزوجية. ويؤيده ما ذكره الرافعي في باب العتق أنه إذا أعتق عبدا ثم قال له ولعبد آخر: أحدكما حر، لم يقتض ذلك عتق الآخر اه. واحترز بقوله: ولأجنبية عما لو قال لزوجته ولرجل أو دابة وقال: أردت الرجل أو الدابة فإنه لا يقبل. لأن ذلك ليس محلا للطلاق. وأمته مع زوجته وفاسدة النكاح مع صحيحته كالأجنبية مع الزوجة.
فروع: لو قال: إن فعلت كذا فإحداكما طالق، ثم فعله بعد موت إحداهما وقع الطلاق على الباقية لتعين المحل لها. ولو قال لعبديه: أحدكما حر فمات أحدهما تعين العتق في الحي، لأن العتق ثبت في الذمة بخلاف الطلاق. ولو قال لام زوجته: ابنتك طالق لم تطلق زوجته إن لم ينو طلاقها بناء على الأصح من أن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه كما عليه أكثر المتقدمين، خلافا لما في المهمات. (ولو) كان اسم زوجته زينب و (قال: زينب طالق) ولم يرفع في نسبها