لتمسكهم بذلك الدين حين كان حقا، ومنهم من قطع بهذا كما يقرون بالجزية قطعا. والثاني: المنع لفقد النسب. (وقيل:
يكفي) دخول قومها في ذلك الدين (قبل نسخه) ولو بعد تحريفه، لأن الصحابة رضي الله عنهم تزوجوا منهم ولم يبحثوا عن ذلك والأصح المنع إن دخلوا فيه بعد التحريف، فإن تمسكوا بغير المحرف فكما قبل التحريف فتحل في الأظهر.
تنبيه: قضية كلامه التحريم إذا شك هل دخلوا قبل التحريف أو بعده وهو كذلك، وكذا تحرم ذبائحهم ولكن يقرون بالجزية تغليبا لحقن الدم. أما من دخل أول آبائها في ذلك الدين بعد نسخه كمن تهود أو تنصر بعد بعثة نبينا (ص) فلا تحل، وكذا من تهود بعد بعثة عيسى عليه الصلاة والسلام. واحترز المصنف بقوله: فإن لم تكن الكتابية إسرائيلية عما إذا كانت إسرائيلية، نسبة إلى إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، فالشرط فيها أن لا يعلم دخول أول آبائها في ذلك الدين بعد بعثة تنسخه كما سيأتي، وذلك بأن علم دخول أول آبائها في ذلك الدين قبل البعثة أوشك، وإن علم دخوله فيه بعد تحريفه أو بعد بعثة لا تنسخه كبعثة من بين موسى وعيسى فإنه يحل نكاحها لشرف نسبها. قال السبكي: وهل يرجع إلى اليهود وإلى النصارى في دعواهم أنهم من بني إسرائيل وأن آبائهم دخلوا في ذلك الدين قبل نسخه وتبديله أو بعد التبديل وقبل النسخ أي واجتنبوا المبدل؟ قال الأصحاب في كتاب الجزية: أنهم يقرون بدعواهم ذلك لأنه لا يعلم ذلك إلا من جهتهم، وقضية ذلك القبول، قال: وقد يفرق بين البابين بالتشوف إلى حقن الدماء بخلاف الابضاع، فإنه يحتاط لها، قال: وعلى هذا يتعذر أو يتعسر نكاح الكتابية اليوم اه.
واعتمد الفرق الأذرعي، ثم قال: وحينئذ فنكاح الذميات في وقتنا ممتنع إلا أن يسلم منهم اثنان ويشهدان بصحة ما يوافق دعواهم، أما بعد النسخ ببعثة نبينا (ص) فلا تفارق فيه الإسرائيلية غيرها كما قاله شيخنا لسقوط فضيلة النسب بالنسخ، وأما من تهود بعد بعثة عيسى عليه السلام فكذا في الأصح، وقيل: لا، وهما مبنيان على أن شريعة عيسى صلى الله عليه السلام، هل نسخت شريعة موسى أو خصصتها، والناسخ شريعتنا؟ وفيه خلاف، قيل: خصصتها لأن عيسى مقرر شريعة التوراة لأنه من أنبياء بني إسرائيل، وعن نص الشافعي رضي الله تعالى عنه أن كل شريعة نسخت التي قبلها كشريعة عيسى نسخت شريعة موسى، وشريعتنا نسخت سائر الشرائع اه. وحكم الوطئ بملك اليمين فيمن ذكر حكم النكاح، قال الزركشي: هذا مذهبنا وفي النفس منه شئ يعرف بتأمل الآثار والأخبار الواردة في وطئ السبايا، والجواب عنها عسر فيما يظهر. (والكتابية المنكوحة كمسلمة في نفقة وقسم وطلاق) وغيرها لاشتراكهما في الزوجية بخلاف التوارث كما مر، وبخلاف القذف، فإن في قذفها التعذير كما سيأتي، وله دفعها باللعان، وفي أنه يكره نكاحها.
(وتجبر) الزوجة الممتنعة مسلمة كانت أو كتابية وكذا الأمة (على غسل حيض ونفاس) أي للحليل إجبارها على ذلك إذا طهرت لتوقف حل الوطئ عليه، وقضية هذا أن الحنفي لا يجبرها على ذلك لاعتقاده الحل عند الانقطاع، لكن قال القاضي أبو الطيب: لا أعرف أحدا من أصحابنا فرق بين الشافعي والحنفي، قال البلقيني. ووجهه أن هذا يتوقف عليه كمال الاستمتاع لا أصله على عقيدته فهو من الخلاف. ويستبيح بهذا الغسل الوطئ وإن لم تتوضأ للضرورة كما في المسلمة المجنونة، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في كتاب الطهارة. (وكذا جنابة) أي تجبر الكتابية على غسلها من الجنابة (و) على (ترك أكل) لحم (خنزير) ونحوهما مما يتوقف كمال التمتع على زواله، (في الأظهر) كما تجبر على إزالة النجاسة. والثاني: لا إجبار، لأنه لا يمتنع الاستمتاع.
تنبيه: ظاهر تخصيص المصنف الخلاف بالذمية أن المسلمة تجبر على غسل الجنابة قطعا، وهو ما جرى عليه الرافعي، وقيده في زيادة الروضة بما إذا حضر وقت الصلاة في بالغة، قال: فإن لم تحضر صلاة ففي إجبارها القولان والأظهر الوجوب. وقد يقال إن حق الزوج إنما هو في الاستمتاع لا فيما يتعلق بحق الله تعالى من الصلاة، وحينئذ فكلام