امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل - ثلاثا - فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له رواه الترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وصححاه. ويستثنى من إيجاب المهر ما إذا كان الناكح محجورا عليه بسفه كما سيأتي.
تنبيه: اقتصاره على المهر يفهم أنه لا يلزمه معه أرش بكارة لو كانت بكرا، وهو من صرح به في المجموع في الكلام على البيع الفاسد فإنه نقل ذلك عن الشافعي والأصحاب، وفرق بينه وبين البيع الفاسد بأن إتلاف البكارة مأذون فيه في النكاح الفاسد كما في النكاح الصحيح، بخلاف البيع الفاسد فإنه لا يلزم منه الوطئ. و (لا) يوجب الوطئ في النكاح المذكور (الحد) سواء أصدر ممن يعتقد تحريمه أم لا، لشبهة اختلاف العلماء في صحة النكاح، لكن يعذر معتقد تحريمه لارتكابه محرما لا حد فيه ولا كفارة ولو لم يطأ الزوج في هذا النكاح المذكور فزوجها وليها قبل التفريق بينهما صح.
ولو طلقها ثلاثا لم يفتقر في صحة نكاحه لها إلى محلل لعدم وقوع الطلاق، لأنه إنما يقع في نكاح صحيح. ولو حكم بصحته أو ببطلانه حاكم يراه لم ينقض حكمه، فلو وطئها بعد الحكم ببطلانه حد كما قاله الماوردي وامتنع على الحاكم المخالف بعد ذلك الحكم بصحته. أما الوطئ في نكاح بلا ولي ولا شهود فإنه يوجب الحد جزما لانتفاء شبهة العلماء.
ثم أشار المصنف رحمه الله إلى قاعدة، وهي أن من ملك الانشاء. ملك الاقرار غالبا ومن لا فلا، بقوله: (ويقبل إقرار الولي) على موليته (بالنكاح) بعد لين وإن لم توافقه البالغة العاقلة عليه، (إن استقل بالانشاء) وقت الاقرار بأن كان مجبرا والزوج كفؤا، لأن من ملك الانشاء ملك الاقرار غالبا كما مر. (وإلا) بأن لم يكن مستقلا بإنشاء النكاح وقت الاقرار لكونه غير مجبر، (فلا) يقبل إقراره عليها لعجزه عن الانشاء إلا بإذنها.
تنبيه: يدخل في عبارة المصنف لولا الذي قدرته ما إذا استقل بالانشاء وكان عند الاقرار غير مستقل، كما لو كانت ثيبا وادعى أنه زوجها حين كانت بكرا فإنه لا يقبل قوله وإن كان استقل بالانشاء، وعبارة المحرر: يقبل إقرار الولي بالنكاح إذا كان مستقلا بالانشاء. قال السبكي: وهو أحسن من تعبير المنهاج، لأن معناه وصفه بذلك حين الاقرار. ثم استثنى من عكس القاعدة المذكورة ما تضمنه قوله: (ويقبل إقرار البالغة العاقلة) الحرة ولو سفيهة فاسقة بكرا كانت أو ثيبا، (بالنكاح) من زوج صدقها على ذلك ولو غير كفء، (على الجديد) وإن كذبها الولي والشاهدان إن عينتهما، أو قال الولي: ما رضيت إذا كان الزوج غير كفء، لأن النكاح حق الزوجين فثبت بتصادقهما كغيره من العقود، ولاحتمال نسيان الولي والشاهدين وكذبهم. ولا بد من تفصيلها الاقرار فتقول: زوجني منه ولي بحضرة عدلين ورضائي إن كانت ممن يعتبر رضاها. فإن قيل: سيأتي في الدعاوي أنه يكفي إقرارها المطلق فيكون هنا كذلك أجيب بأن ذاك محله في إقرارها الواقع في جواب الدعوى، وما هنا في إقرارها المبتدأ. ولو كان أحد الزوجين رقيقا اشترط مع ذلك تصديق سيده كما بحثه الزركشي في الأمة، ومثلها العبد، فإن لم يصدقها الزوج لم يحل لها أن تنكح غيره في الحال كما قاله القفال اعتبارا بقولها في حق نفسها، وطريق حلها أن يطلقها كما في نظيره من الوكيل وغيره، والقديم:
إن كانا غريبين يثبت النكاح وإلا طولب بالبينة لسهولتها. وعن القديم عدم القبول مطلقا، وهو قضية كلام المصنف، ومنهم من نفاه عن القديم وحمله على الحكاية عن الغير. وإن أقرت لزوج والمجبر لآخر فهل يقبل إقراره أو إقرارها أو السابق أو يبطلان جميعا؟ احتمالات للإمام، قال الزركشي: والصواب تقديم السابق فإن أقرا معا فالأرجح تقديم إقرار المرأة لتعلق ذلك ببدنها وحقها، ولو جهل فهل يتوقف أو يبطلان؟ فيه احتمالان لصاحب المطلب اه. وينبغي أن يعمل بإقرارها، لأنا تحققنا وشككنا في المفسد والأصل عدمه، ونقل في الأنوار عن التلخيص ترجيح السقوط مطلقا.
ولو ادعى نكاح امرأة وذكر شرائط العقد وصدقته المرأة ففي فتاوي القاضي أنه لا يجب عليه صداقها، لأن هذا إقرار باستدامة النكاح واستدامته تنفك عن الصداق.