له جاز، بخلاف ما إذا عقد غيرهما بوكالة ممن ذكر لما مر. والواو في قوله: وعدويهما بمعنى أو، ولهذا حكي الرافعي الخلاف في العدوين، ثم قال: ويجري في الابنين ولو كان الكل انعقد قطعا، على قياس ما مر في زيادة الروضة. (وينعقد بمستوري العدالة) وهما المعروفان بها ظاهرا لا باطنا بأن عرفت بالمخالطة دون التزكية عند الحاكم، (على الصحيح) لأن الظاهر من المسلمين العدالة ولان النكاح يجري بين أوساط الناس والعوام، فلو اعتبر فيه العدالة الباطنة لاحتاجوا إلى معرفتها ليحضروا من هو متصف بها فيطول الامر عليهم ويشق.
تنبيه: ظاهر إطلاق المصنف في انعقاد النكاح بالمستورين أنه لا فرق بين أن يعقد بهما الحاكم أو غيره، وهو ما صححه المتولي، فإنه صحح أن الحاكم كغيره فيما طريقه المعاملة، ألا ترى أن الحاكم إذا رأى مالا في يد إنسان يتصرف فيه بلا منازع له أن يشتريه منه اعتمادا على ظاهر اليد كما يجوز لغيره أن يعتمد ظاهر اليد، ولا يقال الحاكم لا يشق عليه طلب الحجة وسماع البينة، وهذا هو الظاهر وإن جزم ابن الصلاح في فتاويه والمصنف في نكته بعدم الصحة، واختاره السبكي وغيره. والوجه الثاني: لا ينعقد بالمستورين بل لا بد من معرفة العدالة الباطنة. ويعلم من حكم المصنف فيما بعد بالبطلان فيما إذا بان فسقهما عند العقد أن الصحة في المستور إنما هي في الظاهر دون الباطن، فلا ينعقد في الباطن على الصحيح إلا بعدلين باطنا. ويبطل الستر بتفسيق عدل في الرواية، فلو أخبر بفسق المستور عدل لم يصح به النكاح كما رجحه ابن المقري تبعا للإمام. وقول صاحب الذخائر: الأشبه الصحة فإن الجرح لا يثبت إلا بشاهدين ولم يوجدا مردود بأنه ليس الغرض إثبات الجرح بل زوال ظن العدالة، وهو حاصل بخبر العدل. ولو تحاكم الزوجان وقد أقرا بنكاح عقد بمستورين في نفقة ونحوها في حقوق الزوجية وعلم الحاكم بفسق شهود العقد لم يحكم بينهما، كذا قالاه. وقضيته أنه لا يفرق بينهما، والظاهر كما قاله الزركشي وغيره أنه يفرق بينهما بناء على أن القاضي يقضي بعلمه سواء أترافعا إليه أم لا، وإن علم بكونهما مستورين حكم بينهما، سواء أقلنا يعقد بهما أم لا، لأن الحكم بهما هنا تابع لصحة النكاح، كما يثبت هلال شوال بعد ثلاثين يوما تبعا لثبوت رمضان برؤية عدل، ولا يقبل المستورين في إثبات النكاح ولا فساده بل يتوقف حتى يعلم باطنهما. ويمكن حمل كلام ابن الصلاح والمصنف في نكته على هذا، وكلام المتولي وإطلاق المتن على مجرد العقد من غير حكم، فلم يتواردا على محل واحد، وهذا أولى. (لا مستور الاسلام والحرية) بأن لم يعرف إسلامه ولا حريته، بأن يكون في موضع يختلط فيه المسلمون بالكفار والأحرار بالأرقاء ولا غالب، أو يكون ظاهره الاسلام والحرية بالدار فلا ينعقد النكاح به، بل لا بد من معرفة حاله بهما باطنا لسهولة الوقوف على ذلك بخلاف العدالة والفسق.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في عدم الانعقاد بين أن يتبين وجود الأهلية حالة العقد أم لا، وليس مرادا فإنه صحح في الخنثى أنه إذا ثبتت ذكورته الصحة كما مر، وهذا أولى، لأن الخنوثة لا تخفى غالبا، وكمستور الاسلام والحرية مستور البلوغ كما قاله الجويني، إذ الأصل الصبا، فإن تبين أنه كان بالغا عند العقد صح على قياس ما مر. (ولو بان فسق الشاهد عند العقد فباطل) أي تبين بطلانه، (على المذهب) لفوات العدالة كما لو بانا كافرين، ولا فرق بين كون العاقد إذ ذاك حاكما أو لا. وسيعيد المصنف هذه المسألة في كتاب الشهادات حيث يقول فيه:
ومتى حكم بشاهدين فبانا كافرين إلى أن قال: وكذا فاسقان في الأظهر. والطريق الثاني فيه قولان: أحدهما هذا، والثاني: الاكتفاء بالستر يومئذ.
تنبيه: احترز بقوله: عند العقد عما لو تبين الفسق في الحال ولم يعلم قدمه ولا حدوثه فإنه لا يحكم ببطلانه لجواز حدوثه، وبه صرح الماوردي، قال: لكن لا يحكم بثبوت هذا النكاح إلا بشهادة غيرهما، قال: وكذا فيما لو تبين فسقهما بعد العقد، وعما إذا تبين قبله فإنه لا يضر. وينبغي كما قال الزركشي تقييد بزمن يتأتى فيه الاستبراء