مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٨٤
السبكي، لأن الموت كالسفر فلا يتحقق الضمان إلا به، وهذا هو المعتمد. وقال الأسنوي: إنه بمجرد المرض يصير ضامنا لها حتى لو تلفت بآفة في مرضه أو بعد صحته ضمنها كسائر أسباب التقصيرات. ومحله أيضا في غير القاضي، أما القاضي إذا مات ولم يوجد مال اليتيم في تركته فلا يضمنه وإن لم يوص به لأنه أمين الشرع بخلاف سائر الامناء ولعموم ولايته، قاله ابن الصلاح، قال: وإنما يضمن إذا فرط. قال السبكي: وهذا تصريح منه بأن عدم إيصائه ليس تفريطا وإن مات عن مرض، وهو الوجه. وظاهر أن الكلام في القاضي الأمين، ونقل التصريح به عن الماوردي، أما غيره فيضمن قطعا. والضمان فيما ذكر ضمان التعدي بترك المأمور لا ضمان العقد كما اقتضاه كلام الرافعي. (إلا إذا لم يتمكن بأن) أي كأن (مات فجأة) أو قتل غيلة فلا يضمن لعدم تقصيره.
تنبيه: هذا الاستثناء منقطع فإنه لم يدخل في قوله: وإذا مرض مرضا مخوفا ولو لم يوص فادعى صاحبها أنه قصر وقال الوارث لعلها تلفت قبل أن ينسب إلى تقصير، فالظاهر كما قال الإمام وأقراه براءة ذمته. قال الأسنوي: وهذا إنما قاله الإمام عند جزم الوارث بالتلف، فأما عند ذكره له احتمالا فإنه صحح الضمان اه‍. لكن شيخنا جعل هذا من الجزم، وصور عدم الجزم بقوله: بأن قال عرفت الايداع لكن لم أدر كيف كان الامر وأنا أجوز أنها تلفت على حكم الأمانة، فلم يوص بها لذلك فيضمنها لأنه لم يدع مسقطا. وصحح السبكي أنه لا يقبل قولهم في دعوى التلف والرد إلا ببينة، وسائر الامناء كالمودع في هذا الحكم، وقد أفتى ابن الصلاح بأن العامل إذا مات ولم يوجد مال الفراض بعينه في يده ضمن وهو أولى بالتضمين من المودع، لأن الوديعة ليس له التصرف فيها بخلاف القراض. (ومنها) أي عوارض الضمان، (إذا نقلها من محلة) إلى محلة أخرى، (أو) من (دار) إلى دار أخرى (دونها في الحرز) ولو كان حرز مثلها (ضمن) لأنه عرضها للتلف سواء أنهاه عن النقل أم عين له تلك المحلة أم أطلق، بعيدتين كانتا أم قريبتين لا سفر بينهما ولا خوف كما يؤخذ ذلك من إطلاق المصنف، لكن يستثنى من إطلاقه ما لو نقلها بظن الملك فلا يضمن كما قاله في الكفاية، بخلاف ما لو انتفع بها ظانا أنها ملكه فتلفت، فإنه يضمن كما نقلاه في أول باب الغصب عن الإمام وأقراه. (وإلا) بأن تساويا في الحرز أو كان المنقول إليه أحرز، (فلا) يضمن لعدم تفريطه. وخرج بدار ما لو نقلها من بيت إلى آخر في دار واحدة أو خان واحد فلا ضمان، وإن كان الأول أحرز كما قاله البغوي، ونقلها من كيس أو صندوق إلى آخر إن كان ذلك للمودع فحكمه كالبيت في النقل، وإن كان للمالك فتصرفه فيها بالنقل المجرد ليس بمضمن، إلا إن فض الختم أو فتح القفل فيضمن في الأصح.
تنبيه: يستثنى من عدم الضمان مسائل: منها ما لو نقلها والطريق مخوف. ومنها ما لو نهاه المالك عن النقل ونقل بلا ضرورة. ومنها ما لو تلفت بسبب النقل كانهدام الدار المنقول إليها، قال الرافعي: والسرقة من المنقول إليه كالانهدام، قاله البغوي والمتولي، ومنها ما لو كان الحرز المنقول منه لمالك الوديعة ملكا أو إجارة أو إعارة وإن كان المنقول إليه أحرز إذا لم يخفف الهلاك، فإنه يضمن في هذه المسائل كلها. (ومنها) أي عوارض الضمان (أن لا يدفع متلفاتها) لوجوب الدفع عليه مع القدرة، لأنه من حفظها.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما لو وقع في خزانة الوديع حريق فبادر لنقل أمتعته فاحترقت الوديعة لم يضمن، كما لو لم يكن فيها إلا ودائع فبادر لنقل بعضها فاحترق ما تأخر نقله كما نقله في الروضة كأصلها آخر الباب عن فتاوي القفال.
(فلو أودعه دابة فترك علفها) بإسكان اللام على المصدر، أو سقيها مدة يموت مثلها فيها بترك ذلك، (ضمنها) وإن لم تمت كما صرح به في الروضة كأصلها، ونقله المصنف في نكتة عن البغوي، سواء أمره المالك بعلفها وسقيها أم سكت لتعديه فإنه يلزمه ذلك لحق الله تعالى، وبه يحصل الحفظ الذي التزمه بقبولها. وتختلف المدة باختلاف الحيوانات والمرجع إلى أهل الخبرة بها، فإن ماتت دون المدة لم يضمنها إلا إذا كان بها جوع أو عطش سابق وعلمه فيضمنها كما هو قضية
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460