له أن يرفع الامر إلى الحاكم ليجعل له أجرة في مقابل لبسها؟ لم أر من ذكره أيضا، والظاهر أن له ذلك، إذ لا يلزمه أن يبذل منفعته مجانا كالحرز. قال الأذرعي: وكنشر الصوف تمشية الدابة وتسييرها المعتاد عند الخوف عليها من الزمانة لطول وقوفها. وجعل الزركشي هذا مثلا، وجعل الضابط خوف الفساد. (ومنها) أي عوارض الضمان، (أن يعدل) في الوديعة (عن الحفظ المأمور) به فيها (وتلفت بسبب العدول) عنه إلى الوجه المعدول إليه، (فيضمن) لأن التلف حصل من جهة المخالفة. (فلو) عدل: كأن (قال) له (لا ترقد) أي لا تنم (على الصندوق) الذي فيه الوديعة، (فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه) بانكساره، (ضمن) لمخالفته المؤدية إلى التلف. (وإن تلف بغيره) أي بسبب غير الانكسار كسرقة، (فلا) يضمن (على الصحيح) لأنه زاد خيرا ولم يأت التلف مما جاء به والثاني: يضمن، لأن رقوده عليه يوهم السارق نفاسة ما فيه فيقصده.
تنبيه: صورة المسألة إذا كان في بيت محرز وأخذه السارق، أما لو سرق ما فيه من الصحراء من جانب كأن يرقد فيه إن لم يرقد عليه فإنه يضمن، لأنه رقد عليه فقد أخلى جانب الصندوق وربما لا يتمكن السارق من الاخذ إذا كان بجانبه، بخلاف ما لو سرق من غير الجانب المذكور. (وكذا) لا يضمن (لو قال) له (لا تفعل) بمثناة مضمومة وفاء مكسورة، (عليه) أي الصندوق أصلا فأقفل عليه، أو أقفل عليه قفلا فقط فأقفل عليه (قفلين) أو لا تفعل عليه قفلين أو لا تغلق باب البيت، (فأقفلهما) أو أغلق الباب، لم يضمن في هذه الصور على الأصح لأنه زاد احتياطا، والثاني:
يضمن، لأنه أغرى السارق به.
تنبيه: محل الخلاف في بلد لم تجر عادتهم بذلك كما قاله صاحب المعين، وإلا فلا ضمان جزما. (ولو قال له اربط الدراهم) بكسر الموحدة في المشهور وحكي ضمها، (في كمك) أي شدها فيه، وجمعه أكمام، (فأمسكها في يده فتلفت فالمذهب أنها إن ضاعت بنوم ونسيان) أي أو نسيان كما في المحرر، (ضمن) لحصول التلف من جهة المخالفة، لأنها لو كانت مربوطة لم تضع بهذا السبب. (أو) تلف (بأخذ غاصب) لها من يده (فلا) يضمن، لأن اليد أمنع للغصب حينئذ. والطريق الثاني: إطلاق قولين. والطريق الثالث: إن اقتصر على الامساك ضمن، وإن أمسك بعد الربط لم يضمن. وعلى الأول إذا امتثل أمره وربطها في الكم لم يكلف معه إمساكها باليد، بل إن كان الربط من خارج الكم فأخذها القاطع ضمن لأن فيه إظهارها وتنبيه القاطع وإغراءه عليها لسهولة قطعه أو حله عليه حينئذ، لا إن استرسلت بانحلال العقد وضاعت وقد احتاط في الربط، فلا ضمان، لأنها إذا انحلت بقيت الوديعة في الكم. أو كان الربط من داخله فبالعكس، فيضمنها إن استرسلت لتناثرها بانحلال لا إن أخذها القاطع لعدم تنبيهه. فإن قيل: المأمور به مطلق الربط وقد أتى به فلا ينظر إلى جهة التلف، بخلاف ما إذا عدل عن المأمور به إلى غيره فحصل به التلف. أجيب بأن الربط ليس كافيا على أي وجه فرض، بل لا بد من تضمنه الحفظ، ولهذا لو ربط غير محكم ضمن، وإن كان لفظ الربط يشمل المحكم وغيره. فإن قيل: لو قال: احفظ الوديعة في هذا البيت فوضعها في زاوية منه فانهدمت عليه لا يضمن، ولا يقال لو كانت في زاوية أخرى لسلمت. أجيب بأن لفظ البيت متناول لكل من زواياه، والعرف لا يخصص موضعا منه. ولو كان عليه قميصان فربط في التحتاني منهما لم يضمن سواء أربطها داخل الكم أم خارجه كما بحثه الزركشي، لانتفاء المعنى المذكور. (ولو جعلها في جيبه) الذي في جنب قميصه أو لبته أو غير ذلك، (بدلا عن الربط في الكم لم يضمن) على الأصح، لأنه أحرز، إلا إذا كان واسعا غير مزرور فيضمن لسهولة تناولها باليد منه،