الاعلام ليس بإشهاد على الأصح، بل ائتمان حتى تكفي فيه امرأة.
تنبيه: قوله. أعلم بها يشعر أنه لا يشترط رؤية الأمين لها، وبه صرح الماوردي. وقوله: يسكن ليس بقيد، فإن مراقبة الحارس لها كالسكنى. وخرج بقولي: وهو حرز مثلها ما لم يكن كذلك، فإنه يضمنها جزما وإن أعلم بها غيره كما قاله الماوردي. ومن عوارض الضمان السفر كما قال: (ولو سافر بها) من حضر (ضمن) وإن كان الطريق آمنا وتلفت بسبب آخر كتقصيره بالسفر الذي حرزه دون حرز الحضر. أما لو أودعها المالك مسافرا فسافر بها أو منتجعا فانتجع بها فلا ضمان لرضا المالك به. وله إذا قدم من سفره أن يسافر بها ثانيا لرضا المالك به ابتداء إلا إذا دلت قرينة على أن المراد إحرازها بالبلد فيمتنع ذلك كما ذكره القاضي وغيره. ثم استثنى من الضمان بالسفر قوله: (إلا إذا) أراد سفرا، و (وقع حريق) أو نهب (أو غارة وعجز) عند ذلك (عمن يدفعها إليه، كما) أي بالترتيب الذي (سبق) فلا يضمن لقيام العذر، بل يلزم السفر بها في حالة الخوف عليها، فإن لم يسافر بها كان مضيعا لها. قال الشيخان: ويجوز أن يقال إن كان احتمال الهلاك في الحضر أقرب منه في السفر فله السفر بها، ونقل الأذرعي عن الدارمي ما يؤيده، وهو حسن.
تنبيه: مقتضى كلام المصنف أنه لا بد في نفي الضمان من اجتماع الامرين: العذر المذكور، والعجز عمن يدفعها إليه، وليس مرادا بل العجز كاف، فلو سافر بها عند العجز من غير عذر من حريق ونحوه لم يضمن على الأصح لئلا ينقطع عن مصالحه وتنفر الناس عن قبول الودائع، فإن حدث له في الطريق خوف أقام بها، فإن هجم عليه قطاع الطريق فطرحها بمضيعة ليحفظها فضاعت ضمن، وكذا لو دفنها خوفا منهم عند إقبالهم ثم أضل موضعها كما قاله القاضي وغيره إذ كان من حقه أن يصبر حتى تؤخذ منه فتصير مضمونة على آخذها. (والحريق والغارة في البقعة وإشراف الحرز على الخراب) ولم يجد حرزا هناك ينقلها إليه، ونحو ذلك من سائر الاعذار (أعذار كالسفر) في جواز الابداع عند غيره من غير ضمان عليه.
تنبيه: الغارة لغة قليلة والأفصح الإغارة. ومن عوارض الضمان ترك الايصاء كما يعلم من قوله: (وإذا مرض مرضا مخوفا فليردها إلى المالك أو وكيله) المطلق أو في قبضها. قال الأذرعي: والظاهر أن كل حالة تعتبر فيها الوصية من الثلث كما سبق كالمرض المخوف فيما ههنا اه. وفي الشرح والروضة: وفي معنى المرض هنا الحبس ليقتل. وقد مر في الوصية أن الحبس للقتل ليس بمخوف، وتقدم الفرق هناك بين البابين فليراجع. (وإلا) بأن يمكنه ردها إلى أحدهما، (فالحاكم) الأمين يردها إليه إن وجده، أو يوصي بها إليه، (أو) يردها إن لم يجد الحاكم إلى (أمين أو يوصي بها) إليه كما لو أراد سفرا.
تنبيه: قضية كلامه لولا ما قدرته التخيير بين الأمور الثلاثة، وليس مرادا، وحاصل ذلك أنه مخير عند القدرة على الحاكم بين الدفع إليه والوصية له، وعند العجز بين الدفع لأمين والوصية له، ولعله إنما أطلق استغناء بما قدمه في أنه لا يودعها عند أمين إلا عند فقد القاضي. والمراد بالوصية الاعلام بها ووصفها بما يميزها أو يشير لعينها من غير أن يخرجها من يده، ويأمر بالرد إن مات ولا بد مع ذلك من الاشهاد كما في الرافعي عن الغزالي وأسقطه من الروضة وجزم به في الكفاية، فإن اقتصر على عندي وديعة فكما لو لم يوص، فإن ذكر الجنس فقال: عندي ثوب لفلان ضمن إن وجد في تركته أثواب لتقصيره في البيان، وإن وجد ثوب واحد ضمن أيضا في الأصح، ولا يدفع إليه الثوب الموجود، وقيل: يتعين الثوب الموجود. (فإن لم يفعل) شيئا مما ذكر في محله، (ضمن) لتقصيره، فإنه عرضها للفوات، لأن الوارث يعتمد يده ويدعيها لنفسه. وكذا لو أوصى إلى فاسق أو أودعه.
تنبيه: محل الضمان بغير إيصاء وإيداع إذا تلفت الوديعة بعد الموت لا قبله على ما صرح به الإمام ومال إليه