في التركة جنسه فلاحدهما الاستقلال به، لأن لصاحب الحق أن يستقل بأخذ ذلك فلا يضر استقلال أحدهما به. وقضيته أنه يباح له ذلك، وأن المدفوع يقع موقعه، وهو كذلك وإن توقف الشيخان في جواز الاقدام. ويرد على إطلاق المصنف ما لو اختلفا في حفظ المال المنقسم فإنه يقسم بينهما نصفين، فإن تنازعا في تعيين النصف المحفوظ أقرع بينهما على الأصح في الروضة. وإذا تعين اجتماعهما على التصرف واستقل أحدهما به لم يصح تصرفه وضمن ما أنفق على الأولاد أو غيرهم، وعلى الحاكم نصب آخر إن مات أحدهما أو جن أو فسق أو غاب أو لم يقبل الوصاية ليتصرف مع الموجود، وليس له جعل الآخر مستقلا في التصرف، لأن الموصي لم يرض برأيه وحده. ولو ماتا مثلا جميعا لزم الحاكم نصب اثنين مكانهما.
ولو جعل الموصي على الوصيين مشرفا لم يتصرفا إلا بمراجعته، قال الأذرعي: ومحله فيما يحتاج إلى نظر، لا كشراء الخبز والبقل. قال في الكفاية: وليس للمشرف التصرف، ذكره في البحر. (و) عقد الايصاء جائز من الطرفين، وحينئذ (للموصي والوصي العزل متى شاء) كالوكالة، هذا إن لم تتعين عليه الوصية ولم يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض وغيره، وإلا فليس له ذلك، ولا ينفذ عزله كما بحثه ابن عبد السلام. قال الأسنوي: وعلى هذا لو لم يقبل هل يلزمه القبول؟ فيه نظر يحتمل اللزوم لقدرته على دفع الظالم بذلك، ويحتمل خلافه اه. والأوجه كما قال شيخنا الأول إن تعين طريقا في الدفع. قال الأذرعي: ولو غلب على ظن الموصي أن عزله لوصيه مضيع لما عليه من الحقوق أو لأموال أولاده باستيلاء ظالم أو لخلو الناحية عن قاض أمين فيظهر أنه لا يجوز له عزله اه. وهو حسن.
تنبيه: تسمح المصنف في إطلاق العزل بالنسبة للموصي، فإن العزل فرع الولاية، ولا ولاية قبل موت الموصي، فالأولى التعبير بالرجوع كما في الروضة وأصلها. (وإذا بلغ الطفل) رشيدا وكمل غيره، (ونازعه) أي الموصي أو نحوه كالأب (في الانفاق عليه) أو على ممونه، (صدق الوصي) ونحوه بيمينه في اللائق بالحال لأنه أمين، وقد تشق عليه إقامة البينة، فإن ادعى زيادة على النفقة اللائقة صدق الولد قطعا. (أو) نازعه (في دفع) المال (إليه بعد البلوغ) والرشد للطفل والكمال لغيره أو في تاريخ موت الأب، (صدق الولد) بيمينه على الصحيح المنصوص، لمفهوم قوله تعالى: * (فأشهدوا عليهم) * ولأنه لا يعسر إقامة البينة عليه. فإن قيل: هذه المسألة تقدمت في الوكالة فهي مكررة. أجيب بأن تلك في القيم المنصوب من جهة القاضي، فإن عبارته هناك: وقيم اليتيم الخ، وهذه في الوصي لا في قيم اليتيم، لكن تخصيصه الوصي بالذكر يوهم أن الأب والجد ليسا كذلك، وليس مرادا، بل هما كالوصي كما تقرر.
خاتمة: للوصي أن يوكل فيما لم تجر العادة بمباشرته لمثله كالوكيل، وقيل: يجوز مطلقا، وجرى عليه بعض المتأخرين كالأذرعي، ولا يخالط الطفل بالمال إلا في المأكول كالدقيق واللحم للطبخ ونحوه مما لا بد منه للارفاق، وعليه حمل قوله تعالى: * (وإن تخالطوهم) * الآية، ولا يستقل بقسمة مشترك بينه وبينه، لأن القسمة إن كانت بيعا فليس له تولي الطرفين، أو إقرارا فليس له أن يقبض من نفسه لنفسه. ولو باع له شيئا حالا لم يلزمه الاشهاد فيه بخلاف المؤجل. ولو فسق الولي قبل انقضاء الخيار لم يبطل البيع في أحد وجهين رجحه الأذرعي. ولو قال: أوصيت إلى الله وإلى زيد حمل ذكر اسم الله تعالى على التبرك. وإن خاف الوصي على المال من استيلاء ظالم فله تخليصه بشئ منه، * (والله يعلم المفسد من المصلح) *، قال الأذرعي: ومن هذا ما لو علم أنه لو لم يبذل شيئا لقاضي سوء لا تنزع منه المال وسلمه لبعض خونته وأدى ذلك إلى استئصاله، ويجب أن يتحرى في أقل ما يمكن أن يرضى به الظالم، والظاهر تصديقه إذا نازعه المحجور عليه بعد رشده في بذل ذلك وإن لم تدل القرائن عليه. قال: ويقرب من هذا قول ابن عبد السلام: يجوز تعييب مال اليتيم أو السفيه أو المجنون لحفظه إذا خيف عليه الغصب كما في قصة الخضر عليه السلام. وإذا كان الناظر في أمر الطفل أجنبيا فله أن يأخذ من مال الطفل قدر أجرة عمله، فإن كانت لا تكفيه أخذ