مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٨٢
(فيضمن) لأن المودع لم يرض بأمانة غيره ولا يده. نعم استثنى السبكي ما لو طالت غيبة المالك، أي وتضجر من الحفظ كما في التتمة، فأودعها الوديع القاضي.
تنبيه: قول المصنف: فيضمن، أي صار طريقا في الضمان، لأن للمالك أن يضمن من شاء من الأول أو الثاني، فإن ضمن الثاني وهو جاهل بالحال رجع على الأول، بخلاف العالم لأنه غاصب لا مودع، أما إذا أودعها لعذر كمرض أو سفر فإنه لا يضمن، ولا فرق بين سفر الضرورة وغيره على الصحيح. نعم قال الأذرعي ينبغي أن يكون مباحا. (وقيل إن أودع القاضي) الأمين (لم يضمن) لأن أمانة القاضي أظهر من أمانته، (وإذا لم يزل) بضم أوله وكسر ثانيه، (يده) ولا نظره (عنها جازت الاستعانة بمن يحملها) معه ولو أجنبيا، (إلى الحرز أو يضعها في خزانة) بكسر الخاء بخطه: موضع يخزن فيه، (مشتركة) بينه وبين الغير كالعارية، لجريان العادة بذلك، كما لو استعان في سقي البهيمة وعلفها، فإن كانت بمخزنه فخرج لحاجته واستحفظ عليها ثقة يختص به وهو يلاحظها في عوداته لم يضمن، وإذا قطع نظره عنها ولم يلاحظها فكذلك كما صرح به الفوراني وقال إنه الذي أشعر به فحوى كلام الأئمة. قال السبكي: والمتبع في ذلك العرف، فالملوك والامراء أموالهم في خزائنهم بأيدي خزان لهم، والعرف قاض بأنها في أيديهم. وإن كانت في غير مسكنه ولم يلاحظها ضمن لتقصيره، أما إذا استحفظ غير ثقة أو من لا يختص به فعليه الضمان. (وإذا أراد) الوديع (سفرا) ولو قصيرا وقد أخذ الوديعة حضرا، (فليرد) ما (إلى المالك أو وكيله) مطلقا، أو وكيله في استرداد هذه خاصة ليخرج من العهدة، فإن دفع لغيره ضمن في الأجنبي قطعا وفي القاضي على الأصح لأنه لا ولاية للحاكم عليه.
تنبيه: لا يخفى أن له دفعها إلى ولي المحجور عليه لجنون أو سفه طرأ لأنه قائم مقامه. (فإن فقدهما) أي المالك ووكيله لغيبة، أي لمسافة قصر كما بحثه ابن الرفعة أخذا من كلامهم في عدل الراهن، (فالقاضي) أي يردها إليه، أي إذا كان أمينا كما نقله الأذرعي عن تصريح الأصحاب. ويلزمه القبول في الأصح وإن كان سفره لا لحاجة لأنه نائب الغائبين، وكذا الاشهاد على نفسه بقبضها كما قاله الماوردي. قال الشيخ أبو حامد: وإنما يحملها إلى الحاكم بعد أن يعرفه الحال ويأذن له، فلو حملها ابتداء قبل أن يعرفه ضمن. ولا شك أنه لو أمره القاضي بدفعها إلى أمين كفى كما قاله الزركشي، ولا يتعين عليه أن يتسلمها بنفسه. ولو كان المالك محبوسا بالبلد وتعذر الوصول إليه فكالغائب كما قاله القاضي أبو الطيب، ويقاس بالحبس التواري ونحوه، وبالمالك عند فقده وكيله، ولا يلزم القاضي قبول الدين ممن هو عليه ولا المغصوب من غاصبه للغائب فيهما، لأن بقاء كل منهما أحفظ لمالكه، لأنه يبقى مضمونا له، ولان الدين في الذمة لا يتعرض للتلف، وإذا تعين تعرض له، ولان من في يده العين يثقل عليه حفظها. (فإن فقده) أي القاضي، أو كان غير أمين، (فأمين) يردها إليه يأتمنه المودع وغيره لئلا يتضرر بتأخير السفر. ويجب عليه الاشهاد في أحد وجهين رجحه ابن الملقن، فإن الأمين قد ينكر، فإن ترك هذا الترتيب ضمن لعدوله عن الواجب عليه.
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لا رتبة في الاشخاص بعد الأمين، وهو كذلك. وأغرب في الكافي، فقال:
فإن لم يجده وسلمها إلى فاسق لا يصير ضامنا في الأصح. (فإن دفنها بموضع) ولو حرزا (وسافر ضمنها) لأنه عرضها للاخذ. هذا إذا لم يعلم بها من ذكره في قوله: (فإن أعلم بها أمينا) يجوز الايداع عنده كما في الروضة، (يسكن الموضع) الذي دفنت فيه، وهو حرز مثلها، (لم يضمن في الأصح) لأن ما في الموضع في يد ساكنة فكأنه أودعه إياها فشرطه فقد القاضي الأمين. وقد علم من ذلك أن المراد الدفع إلى القاضي أو إعلامه به، أو الدفع إلى الأمين أو إعلامه به.
والثاني: يضمن، لأن هذا إعلام لا إيداع لعدم التسليم. فإن أعلم أمينا لا يجوز الايداع عنده ضمن كما في الروضة، وهذا
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460