لا يزوجهما غير الأب والجد. نعم إن بلغ الصبي واستمر نظر الوصي لسفه اعتبر إذنه في نكاحه كما سيأتي، قال الزركشي: ولا يبعد صحة الايصاء به في هذه الحالة. ولا يجوز في معصية كبناء كنيسة التعبد لعدم الإباحة، فعلم بذلك أنه يشترط في الموصى فيه: أن يكون تصرفا ماليا مباحا. ثم شرع في الركن الرابع وهو الصيغة، فقال: (ولفظه) أي الايجاب في الايصاء من ناطق: (أوصيت إليك أو فوضت) إليك (ونحوهما) كأقمتك مقامي في أمر أولادي بعد موتي أو جعلتك وصيا، وهل تنعقد الوصاية بلفظ الولاية كوليتك بعد موتي كما تنعقد بأوصيت إليك؟ وجهان في الشرح والروضة بلا ترجيح، رجح الأذرعي منهما الانعقاد، والظاهر كما قال شيخنا أنه كناية لأنه صريح في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه. أما الأخرس فتكفي إشارته المفهمة وكتابته، والناطق إذا اعتقل لسانه وأشار بالوصية برأسه أو بقوله نعم لقراءة كتاب الوصية عليه لأنه عاجز كالأخرس. (ويجوز فيه) أي الايصاء (التوقيت) كأوصيت إليك سنة أو إلى بلوغ ابني كما مر، (والتعليق) كإذا مت فقد أوصيت إليك، لأن الوصاية تحتمل الجهالات والاخطار فكذا التوقيت والتعليق، ولان الايصاء كالامارة. وقد أمر النبي (ص) زيدا على سرية، وقال: إن أصيب زيد فجعفر، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة رواه البخاري. (ويشترط بيان ما يوصي فيه) كقوله: فلان وصي في قضاء ديني وتنفيذ وصيتي والتصرف في مال أطفالي. ومتى خصص وصايته بحفظ ونحوه أو عمم اتبع، ولو اقتصر على قوله: أوصيت إليك أو أقمتك مقامي في أمر أطفالي ولم يذكر التصرف كان له التصرف في المال وحفظه اعتمادا على العرف. (فإن اقتصر على أوصيت إليك لغا) هذا الايصاء، كما لو قال: وكلتك ولم يبين ما وكل فيه، ولأنه لا عرف يحمل عليه (و) يشترط في الايصاء (القبول) لأنه عقد تصرف فأشبه الوكالة، والقبول على التراخي على الأصح، قال الماوردي: ما لم يتعين تنفيذ الوصايا، وكذا إذا عرضها الحاكم عليه عند ثبوتها عنده كما مر في نظيره من الوكالة.
تنبيه: قضية كلامه اشتراط القبول لفظا، لكن مقتضى ما في الروضة وأصلها أنه يكفي فيه التصرف. وهو المعتمد كما يؤخذ من التشبيه بالوكالة، وتبطل بالرد كأن يقول لا أقبل. ويسن لمن علم من نفسه الأمانة القبول، فإن لم يعلم من نفسه ذلك فالأولى له أن لا يقبل. ونقل الربيع عن الشافعي أنه قال: لا يدخل في الوصية إلا أحمق أو لص، فإن علم من نفسه الضعف فالظاهر أنه يحرم القبول، لما روى مسلم عن أبي ذر أن النبي (ص) قال له: إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنتين، ولا تلين على مال يتيم. (ولا يصح) قبول الايصاء ولا رده (في حياته) أي الموصي، (في الأصح) لأنه لم يدخل وقت التصرف كالوصية له بالمال، فلو قبل في حياته ثم رد بعد وفاته لغا، أو رد في حياته ثم قبل بعد وفاته صح. والثاني: يصح القبول، والرد كالوكالة. (ولو وصى اثنين) ولم يجعل لكل منهما الانفراد بالتصرف بل شرط اجتماعهما فيه أو أطلق كأن قال: أوصيت إلى زيد وعمرو أو إليكما، (لم ينفرد أحدهما) بالتصرف عملا بالشرط في الأول، واحتياطا في الثاني، بل لا بد من اجتماعهما فيه. (إلا إن صرح به) أي الانفراد كأن يقول: أوصيت إلى كل منكما أو كل واحد منكما وصيي أو أنتما وصياي، فلكل منهما الانفراد بالتصرف. قال الأذرعي: وفي الأخيرة نظر.
ورد بأن التثنية في حكم تكرير المفرد، فكأنه قال: كل منكما وصيي، فإذا ضعف أحدهما عن التصرف انفرد الآخر كما لو مات أو جن وللإمام نصب من يعين الآخر. وليس المراد بعدم الانفراد بالتصرف تلفظهما بالعقد معا، بل المعتبر أن يصدر عن رأيهما وإن باشره أحدهما أو غيرهما بأمرهما.
تنبيه: محل وجوب الاجتماع عند عدم التصريح بالانفراد في أمر الأطفال وأموالهم وتفرقة الوصايا غير المعينة وقضاء دين ليس في التركة جنسه، وأما رد الأعيان المستحقة كالمغصوب والودائع والأعيان الموصى بها وقضاء دين