مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧٤
قال: أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة منهم عثمان والمقداد وعبد الرحمن بن عوف، فكان يحفظ أموالهم وينفق عليهم من ماله، ولم يعرف لهم مخالف. وروى البيهقي بإسناد حسن أن ابن مسعود قد أوصى فكتب: وصيتي إلى الله تعالى وإلى الزبير وابنه عبد الله، بل قال الأذرعي: يظهر أنه يجب على الآباء الوصية في أمر الأطفال إذا لم يكن لهم جد أهل للولاية إلى ثقة كاف وجيه إذا وجده وغلب على ظنه أنه إن ترك الوصية استولى على ماله خائن من قاض أو غيره من الظلمة، إذ قد يجب عليه حفظ مال ولده عن الضياع. قال: ويصح الايصاء على الحمل كما اقتضاه كلام الروياني وغيره. والمراد كما قال شيخنا الحمل الموجود حالة الايصاء. ويجب الايصاء في رد مظالم وقضاء حقوق عجز عنها في الحال ولم يكن بها شهود كما مر مع زيادة أول هذا الكتاب مسارعة لبراءة ذمته، فإن لم يوص أحدا بها فأمرها إلى القاضي ينصب من يقوم بها. وقد تقدم الكلام في الجنائز على ما إذا أوصى لشخص أن يصلي عليه أو أن يقرأ على قبره كذا هل يصح أو لا؟ وأركان الوصاية أربعة: وصي، وموصى، وموصى فيه، وصيغة. وقد شرع في بيان شرط الأول فقال:
(وشرط الوصي) أي الموصى إليه (تكليف) أي بلوغ وعقل، لأن غيره مولى عليه فكيف يلي أمر غيره والوصي كما في الصحاح من أسماء الأضداد يطلق على الذي يوصي، وعلى من يوصى إليه وهو المراد هنا كما مر. (وحرية) لأن الرقيق لا يتصرف في مال أبيه، فلا يصلح وصيا لغيره وإن أذن له سيده كالمجنون، ولان ذلك يستدعي فراغا وهو مشغول بخدمة سيده، وشمل ذلك القن والمبعض والمكاتب والمدبر. قال ابن الرفعة: ومن هذه المسألة يفهم منع الايصاء لمن أجر نفسه في عمل مدة لا يمكنه فيها التصرف بالوصاية، وفي مدبره وأم ولده خلاف مبني على أن صفات الوصي متى تعتبر، والأصح عند الموت كما سيأتي فتصح إليهما. (وعدالة) فلا تجوز إلى فاسق بالاجماع لأنها ولاية وائتمان، وتكفي العدالة الظاهرة كما قال الهروي في أدب القضاء. (وهداية إلى التصرف في الموصى به) فلا يصح إلى من لا يهتدي إليه لسفه أو مرض أو هرم أو تغفل، إذ لا مصلحة في تولية من هذا حاله. (وإسلام) فلا يصح الايصاء من مسلم إلى ذمي إذ لا ولاية لكافر على مسلم، ولتهمته، قال تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * وقال تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) * الآية. (لكن الأصح جواز وصية ذمي إلى ذمي) فيما يتعلق بأولاد الكفار بشرط كونه عدلا في دينه كما يجوز أن يكون وليا لهم. والثاني: المنع كشهادته.
تنبيه: تصح وصاية الذمي إلى المسلم اتفاقا كما تصح شهادته عليه وقد ثبتت له الولاية عليه، فإن الإمام يلي تزويج الذميات. ويشترط في الوصي الاختيار وعدم الجهالة والعداوة البينة للمولى عليه، واستنبط الأسنوي من ذلك كون الوصي الذمي من ملة الموصى عليه حتى لا تصح وصية النصراني إلى اليهودي أو المجوسي وبالعكس للعداوة، ورده الأذرعي بأنه لو صح ذلك لما جازت وصية ذمي إلى مسلم، وقد يرد كما قال شيخنا كل منهما بأن المعتبر العداوة الدنيوية لا الدينية، قال الأسنوي: ولو أوصى ذمي إلى مسلم وجعل له أن يوصي فالمتجه جواز إيصائه إلى ذمي، واستعبده الأذرعي، واعترضه ابن العماد بأن الوصي يلزمه النظر بالمصلحة الراجحة والتفويض إلى المسلم أرجح في نظر الشرع من الذمي اه‍. وهذا هو الظاهر.
قال بعض المتأخرين: وظاهر أنه لو كان لمسلم ولد بالغ سفيه ذمي فله أن يوصي عليه ذميا، وهذا بحث مردود كما يعلم مما مر، وكالذمي فيما ذكر المعاهد والمستأمن.
مسألة: سئل عنها ابن الصلاح، وهي أموال أيتام أهل الذمة إذا كانت بأيديهم هل على الحاكم الكشف عليهم؟ فأجاب بالمنع ما لم يترافعوا إلينا ولم يتعلق بها حق مسلم، وبه جزم الماوردي والروياني. وتعتبر هذه الشروط عند الموت لا عند الايصاء ولا بينهما، لأنه وقت التسلط على القبول، حتى لو أوصى إلى من خلا عن الشروط أو بعضها كصبي ورقيق ثم استكملها عند الموت صح. (ولا يضر) في الوصي (العمى في الأصح) لأنه متمكن من التوكيل فيما لا يتمكن من مباشرته. والثاني: يضر، لأنه ممتنع من المباشرة بنفسه، وهما كالوجهين في ولاية النكاح. قال الأذرعي:
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460