في كفارة مرتبة) وهي كفارة وقاع رمضان والظهار والقتل ويكون الولاء للميت في العتق. وخرج بالمال البدني كالصوم وقد مر الكلام عليه في بابه (ويطعم ويكسو) الوارث أيضا من التركة (في) الكفارة (المخيرة) وهي كفارة اليمين ونذر اللجاج وتحريم عين الأمة أو الزوجة والواو في ويكسو بمعنى أو. (والأصح أنه) أي الوارث (يعتق أيضا) في المخيرة كالمرتبة، لأنه نائبه شرعا فإعتاقه كإعتاقه. والثاني: قال: لا ضرورة هنا إلى العتق.
تنبيه: أطلق المصنف التخيير هنا بين الثلاث، والواجب عليه كما قال الرافعي في كتاب الايمان أقلها قيمة. (و) الأصح (أن له) أي الوارث (الأداء من ماله إذا لم تكن تركة) سواء العتق وغيره كقضاء الدين. والثاني: لا، لبعد العبادة عن النيابة. والثالث: يمنع الاعتاق فقط لتعذر إثبات الولاء للميت.
تنبيه: قوله: إذا لم تكن تركة قد يفهم منه منعه عند وجود التركة، وفي كلام الرافعي ما يوافقه بحثا، فإنه قال: يشبه أنه قال كالأجنبي، ونازعه السبكي فيه وقال: الذي يظهر جواز الأداء من ماله مع وجود تركته، قال: ثم رأيت في البيان ما يوافقه. وقال البلقيني: ما اقتضاه مفهوم كلام الكتاب وغيره من المنع عند وجود تركة بعيد من النظر، لأن للوارث إمساك التركة وقضاء حق الآدمي المبني على المضايقة من غيرها فحق الله تعالى أولى اه. وهو ظاهر. ولعل تقييد المصنف لاثبات الخلاف لا للمنع. (و) الأصح (أنه) أي كلا من الاطعام والكسوة (يقع عنه) أي الميت، (ولو تبرع أجنبي) هو غير الوارث عنه (بطعام أو كسوة) كقضاء دينه. والثاني: لا، لبعد العبادة عن النيابة. (لا إعتاق) تبرع به أجنبي عن الميت فلا يقع عنه (في الأصح) لاجتماع بعد العبادة على النيابة وبعد الولاء للميت. والثاني: يقع عنه كغيره. وهذا التصحيح في المخيرة والمرتبة أخذا من الاطلاق، ولا ينافي ذلك كما قال الشارح ما في الروضة كأصلها في كتاب الايمان من تصحيح الوقوع في المرتبة بناء على تعليل المنع في المخيرة بسهولة التكفير بغير إعتاق، لأنه مبني على مرجوح، فالمعتمد ما هنا وإن خالف في ذلك الأسنوي وغيره. ولو مات وعليه دين ولا تركة فأداه الوارث من ماله وجب على المستحق القبول، بخلاف ما إذا تبرع به أجنبي، لأن الوارث قائم مقام مورثه. ثم شرع فيما ينفع الميت فقال: (وتنفع الميت صدقة) عنه، ووقف، وبناء مسجد، وحفر بئر ونحو ذلك، (ودعاء) له (من وارث وأجنبي) كما ينفعه ما فعله من ذلك في حياته، وللاجماع والأخبار الصحيحة في بعضها كخبر: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، وخبر سعد بن عبادة قال: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: أي الصدقة أفضل؟
قال: سقي الماء رواهما مسلم وغيره. وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: إن الله يرفع الدرجة للعبد في الجنة، فيقول يا رب أنى لي هذا؟ فيقال بإسقاء ولدك لك. وقال تعالى: * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) * أثنى عليهم بالدعاء للسابقين. وأما قوله تعالى: * (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) * فعام مخصوص بذلك. وقيل: منسوخ به. وكما ينتفع الميت بذلك ينتفع به المتصدق ولا ينقص من أجر المتصدق شئ، ولهذا يستحب له أن ينوي بصدقته عن أبويه.
تنبيه: كلام المصنف قد يفهم أنه لا ينفعه ثواب غير ذلك كالصلاة عنه قضاء أو غيرها وقراءة القرآن، وهو المشهور عندنا، ونقله المصنف في شرح مسلم والفتاوى عن الشافعي رضي الله عنه والأكثرين. واستثنى صاحب التلخيص من الصلاة ركعتي الطواف، وقال: يأتي بهما الأجير عن المحجوج عنه تبعا للطواف، وصححاه. وقال ابن عبد السلام في بعض فتاويه: لا يجوز أن يجعل ثواب القراءة للميت لأنه تصرف في الثواب من غير إذن الشارع. وحكى القرطبي في التذكرة أنه رؤي في المنام بعد وفاته فسئل عن ذلك، فقال: كنت أقول ذلك في الدنيا، والآن بان لي أن ثواب القراءة يصل إلى