الميت. وحكى المصنف في شرح مسلم والأذكار وجها أن ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة، واختاره جماعة من الأصحاب، منهم ابن الصلاح والمحب الطبري وابن أبي الدم وصاحب الذخائر وابن أبي عصرون، وعليه عمل الناس، وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. وقال السبكي: والذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه نفعه، إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته، وأقره النبي (ص) بقوله: وما يدريك أنها رقية؟ وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى اه. وقد جوز القاضي حسين الاستئجار على قراءة القرآن عند الميت، وقال ابن الصلاح: وينبغي أن يقول اللهم أوصل ثواب ما قرأنا لفلان فيجعله دعاءه، ولا يختلف في ذلك القريب والبعيد. وينبغي الجزم بنفع هذا لأنه إذا نفع الدعاء وجاز بما ليس للداعي فلان يجوز بماله أولى، وهذا لا يختص بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال. وكان الشيخ برهان الدين الفزاري ينكر قولهم: اللهم أوصل ثواب ما تلوته إلى فلان خاصة وإلى المسلمين عامة. لأن ما اختص بشخص لا يتصور التعميم فيه، كما لو قال: خصصتك بهذه الدراهم لا يصح أن يقول: وهي عامة للمسلمين قال الزركشي: والظاهر خلاف ما قاله، فإن الثواب قد يتفاوت، فأعلاه ما خص زيدا وأدناه ما كان عاما، والله تعالى يتصرف فيما يعطيه من الثواب بما يشاء. وقد أشار الروياني في أول الحلية إلى هذا، فقال: صلاة الله تعالى على نبينا محمد (ص) خاصة وعلى النبيين عامة اه. وأما ثواب القراءة إلى سيدنا رسول الله (ص) فمنع الشيخ تاج الدين الفزاري منه وعلله بأنه لا يتجرأ على الجناب الرفيع إلا بما أذن فيه ولم يؤذن إلا في الصلاة عليه (ص) وسؤال الوسيلة، قال الزركشي: ولهذا اختلفوا في جواز الدعاء له بالرحمة وإن كانت بمعنى الصلاة لما في الصلاة من معنى التعظيم بخلاف الرحمة المجردة. وجوزه بعضهم، واختاره السبكي واحتج بأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يعتمر عن النبي (ص) عمرا بعد موته من غير وصية. وحكى الغزالي في الاحياء عن علي بن الموفق - وكان من طبقة الجنيد - أنه حج عن النبي (ص) حججا، وعدها الفقاعي ستين حجة. وعن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري أنه ختم عن النبي (ص) أكثر من عشرة آلاف ختمة وضحى عنه مثل ذلك اه. ولكن هؤلاء أئمة مجتهدون، فإن مذهب الشافعي أن التضحية عن الغير بغير إذنه لا تجوز كما صرح به المصنف في باب الأضحية، وعبارته هناك: ولا تضحية عن الغير بغير إذنه، ولا عن الميت إذا لم يوص بها. واعلم أنه قد تقدم أن المصنف أسقط القسم الثالث من أقسام الوصية وهو ما يتعلق بالحساب، ولا بأس بذكر طرق منه، فنقول: لو أوصى لزيد بمثل نصيب ابنه الحائز وأجاز الوصية أعطي النصف لاقتضائها أن يكون لكل منهما نصيب، وأن يكون النصيبان مثلين، وإن ردت الوصية ردت إلى الثلث. وإن أوصى له بنصيب كنصيب أحد أبنائه وله ابنان، فهو كابن آخر معهم، فلو كانوا ثلاثة كانت الوصية بالربع، وهكذا. وضابطه أن تصحح الفريضة بدون الوصية. وتزيد فيها مثل نصيب الموصي بمثل نصيبه، فإن كان له بنت وأوصى بمثل نصيبها فالوصية بالثلث، فإن الفريضة من اثنين لو لم تكن وصية، فيزاد عليهما سهم للموصى له. أو كان له بنتان فأوصى بمثل نصيب إحداهما فالوصية بالربع، لأن الفريضة كانت من ثلاثة لولا الوصية لكل واحدة منهما سهم فتزيد للموصى له سهما تبلغ أربعة.
وإن أوصى بمثل نصيب بنت وله ثلاث بنات، فالوصية بسهمين من أحد عشر لأنها من تسعة لولا الوصية فتزيدهما على التسعة تبلغ أحد عشر. ولو أوصى بمثل نصيب ابنه ولا ابن له وارث بطلت وصيته إذ لا نصيب للابن، بخلاف ما لو أوصى بمثل نصيب ابن ولا ابن له تصح الوصية كما في الكافي، وكأنه قال بمثل نصيب ابن لي لو كان. ولو أوصى وله ثلاثة بنين بمثل نصيب بنت لو كانت فالوصية بالثمن لأنها من سبعة، لولا الوصية، ونصيب البنت منها سهم فتزيد على السبعة واحدا تبلغ ثمانية. وإن أوصى لزيد بمثل نصيب أحد أولاده أو ورثته أعطي كأقلهم نصيبا لأنه المتيقن، فزد على مسألتهم لولا الوصية مثل سهم أقلهم، فلو كان له ابن وبنت فالوصية بالربع فيقسم المال كما يقسم بين ابن وبنتين. ولو أوصى بنصيب من ماله أو بجزء أو حظ أو قسط أو بشئ قليل أو كثير أو عظيم أو سهم أو نحو ذلك رجع إلى الوارث في تفسيره، ويقبل تفسيره بأقل متمول كما في الاقرار، فإن ادعى الموصى له زيادة حلف الوارث أنه لا يعلم إرادتها. ولو أوصى بالثلث إلا شيئا قبل تفسيره بأقل متمول وحمل الشئ المستثنى على الأكثر ليقع التفسير بالأقل. وإن قال: