تنبيه: سكت المصنف عما إذا قال أردت تمليك المسجد. ونقل الرافعي عن بعضهم أن الوصية باطلة. ثم قال: ولك أن تقول سبق أن للمسجد ملكا وعليه وقفا، وذلك يقتضي صحة الوصية. قال المصنف: وهو الأفقه والأرجح. وقال ابن الرفعة: في كلام الرافعي في اللقطة ما يفهم جواز الهبة للمسجد. قال ابن الملقن: وبه صرح القاضي في تعليقه، والكعبة في ذلك كالمسجد كما صرح به في البيان نقلا عن الشيخ أبي علي، قال: ويصرف في عمارتها، وقيل: إلى ساكن مكة.
وينبغي كما قال ابن شهبة إلحاق الكسوة بالعمارة فإنها من جملة المصالح، وكذا ما أوصى به للضريح النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام يحمل على ما يختص به دون الأشياء الخارجة عنه كما ذكره السبكي في حرمه فإنها قد تدخل في الوصية للحرم. (و) تصح الوصية (لذمي) بما يصح تملكه له كما يجوز التصدق عليه، ففي الحديث الصحيح. في كل كبد حراء أجر وعن البيهقي: أن صفية رضي الله تعالى عنها أوصت لأخيها بألف دينار وكان يهوديا، أما ما لا يصح تملكه له كالمصحف والعبد المسلم فلا تصح الوصية له به. وفي معنى الذمي المعاهد والمستأمن كما قاله في التتمة. (وكذا حربي) معين سواء أكان بدارنا أم لا بما له تملكه لا كسيف ورمح. (و) كذا (مرتد) معين لم يمت مرتدا تصح الوصية لكل منهما، (في الأصح) كالهبة والصدقة. والثاني: المنع للامر بقتلهما، فلا معنى للوصية لهما كالوقف عليهما. وفرق الأول بأن الوقف يراد للدوام وهما مقتولان بكفرهما بخلاف الوصية، فإن مات مرتدا تبين بطلان الوصية.
تنبيه: مسألة المرتد مزيدة على المحرر من غير تمييز، وقضية كلام الإمام أنه لو لحق بدار الحرب وامتنع منا لا تصح الوصية له قطعا، وهو كما قال الزركشي متجه وعلم مما تقرر أنه لا يشترط في الوصية للذمي التعيين بخلاف الحربي والمرتد فتصح لأهل الذمة دون أهل الحرب والردة فلا تصح لهما كما صرح به ابن سراقة، ولو أوصى لمن يرتد بطلت أو لمسلم فارتد لم تبطل، قاله الماوردي. وقياسه البطلان فيمن لو أوصى لمن يحارب. (و) كذا (قاتل) ولو تعديا تصح الوصية له، (في الأظهر) لأنها تمليك بعقد فأشبهت الهبة وخالفت الإرث. والثاني: المنع، لأنه مال يستحق بالموت فأشبه الإرث. وصورته أن يوصى لجارحه ثم يموت أو لانسان فيقتله، ومن ذلك قتل سيد الموصى له الموصي، لأن الوصية لعبد وصية لسيده كما مر، فلو أوصى لمن يقتله أو يقتل غيره تعديا فباطلة كما في الكفاية في الأولى ومثلها الثانية، أو بحق فيظهر فيها الصحة كما بحثه الزركشي في الثانية ومثلها الأولى. (و) تصح الوصية وإن لم تخرج من الثلث (لوارث) خاص غير حائز بغير قدر إرثه (في الأظهر إن أجاز باقي الورثة) المطلقين التصرف وقلنا بالأصح إن إجازتهم تنفيذ لقوله (ص): لا وصية لوارث إلا أن تجيز الورثة رواه البيهقي بإسناد قال الذهبي: صالح، وقياسا على الوصية لأجنبي بالزائد على الثلث.
والقول الثاني: باطلة وإن أجازوها، لاطلاق قوله (ص): لا وصية لوارث رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي. وخرج بخاص الوارث العام، كما لو أوصى لانسان بشئ ثم انتقل إرثه لبيت المال، فإن ذلك يصرف إليه، والوصية صحيحة ولا تحتاج إلى إجازة الإمام قطعا. وبغير حائز ما لو أوصى لحائز بماله كله فإنها باطلة على الأصح في التتمة، وبغير قدر إرثه ما لو أوصى لوارث بقدر إرثه، فإن فيه تفصيلا يأتي بين المشاع. والمعين، وبالمطلقين التصرف ما لو كان فيهم صغير أو مجنون أو محجور عليه بسفه فلا تصح منه الإجازة ولا من وليه كما قاله الماوردي، قال: ولا ضمان عليه إن أجاز ما لم تقبض الوصية فإن قبضت صار ضامنا لقدر ما أجازه من الزيادة.
تنبيه: في معنى الوصية للوارث الوقف عليه وإبراؤه من دين عليه أو هبته شيئا، فإنه يتوقف على إجازة بقية الورثة. نعم يستثنى من الوقف صورة واحدة، وهي ما لو وقف ما يخرج من الثلث على قدر نصيبهم كمن له ابن وبنت وله دار تخرج من ثلثه فوقف ثلثيهما على الابن وثلثها على البنت فإنه ينفذ ولا يحتاج إلى إجازة في الأصح، فليس للوارث إبطاله ولا إبطال شئ منه، لأن تصرفه في ثلث ماله نافذ فإذا تمكن من قطع حق الوارث عن الثلث بالكلية فتمكنه من وقفه عليه أولى.
فائدة: من الحيل في الوصية للوارث أن يقول: أوصيت لزيد بألف إن تبرع لولدي بخمسمائة مثلا. فإن قيل