واحدا مرارا بقصد الاستئناف، فإن الأصح في المهذب وفتاوى المصنف أنه يلزمه كفارة واحدة، وفي القرن بينهما غموض اه. وفرق بينهما بأن المرجح في الظهار شبه الطلاق.
خاتمة: لو قال: إن لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي وتمكن من التزوج توقف الظهار على موت أحدهما قبل التزوج ليحصل اليأس منه، لكن لا عود لوقوع الظهار قبيل الموت فلم يحصل إمساك. فإن قال: إذا لم أتزوج عليك فأنت علي كظهر أمي فإنه يصير مظاهرا بإمكان التزوج عقب التعليق فلا يتوقف على موت أحدهما. والفرق بين إن وإذا مر بيانه في الطلاق. ولو قال: إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك وكفر قبل الدخول لم يجزه لتقدمه على السببين جميعا كتقديم الزكاة على الحول والنصاب. ولو علق الظهار بصفة وكفر قبل وجودها، أو علق عتق كفارته بوجود الصفة لم يجزه لما مر. وإن ملك من ظاهر منها وأعتقها عن ظهاره صح. ولو ظاهر أو آلى من امرأته الأمة فقال لسيدها ولو قبل العود: أعتقها عن ظهاري أو إيلائي ففعل عتقت عنه وانفسخ النكاح، لأن إعتاقها عنه يتضمن تمليكها له.
كتاب الكفارة أي جنسها لا كفارة الظهار فقط. وهي مأخوذ من الكفرة، وهو الستر لسترها الذنب تخفيفا من الله تعالى، وسمي الزارع كافرا لأنه يستر البذر. وهل الكفارات بسبب حرام زواجر كالحدود والتعازير للخلل الواقع؟
وجهان: أوجههما الثاني كما رجحه ابن عبد السلام، لأنها عبادات، ولهذا لا تصح إلا بالنية. وافتتح في المحرر هنا الكتاب بقوله تعالى: * (فتحرير رقبة مؤمنة) * وبقوله تعالى: * (إطعام عشرة مساكين) *، وصدره المصنف بما يعتبر في أنواع الكفارات، ثم ذكره عقب كفارة الظهار فقط مبتدئا باشتراط النية فيها فقال: (يشترط نيتها) بأن ينوي العتق أو الصوم أو الاطعام عن الكفارة لأنها حق مالي يجب تطهيرا كالزكاة، والأعمال بالنيات، فلا يكفي الاعتاق أو الصوم أو الكسوة أو الاطعام الواجب عليه لأنه قد يجب بالنذر. نعم لو نوى الواجب بالظهار أو القتل كفى، فلو كان عليه رقبة ولم يدر أنها عن ظهار أو نذر أو قتل أجزأه نية العتق الواجب عليه.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يشترط التعرض للفرضية، وهو كذلك لأنها لا تكون إلا فرضا، ولا يشترط اقتران النية بالاعتاق أو الاطعام بل يجوز تقديمها كما نقله في المجموع في باب قسم الصدقات عن الأصحاب وصححه بل صوبه، وقال: إنه ظاهر النص، وإن صحح هنا تبعا للرافعي أنه يجب اقترانها بذلك. وإذا قدمها فينبغي كما قال الزركشي وجوب قرنها بعزل المال كما في الزكاة، وسيأتي أواخر هذا الكتاب أن التكفير بالصوم يشترط فيه التبيين. (لا تعيينها) بأن تقيد بظهار أو غيره، فلا يشترط كما لا يشترط في زكاة المال تعيين المال المزكى بجامع أن كلا منها عبادة مالية بل تكفي نية أصلها، فلو أعتق رقبتين بنية الكفارة وكان عليها كفارة قتل وظهار أجزأه عنهما، وإن أعتق واحدة وقعت عن إحداهما. وإنما لم يشترط تعينها في النية كالصلاة لأنها في معظم خصالها نازعة إلى الغرامات فاكتفى فيها بأصل النية، نعم لو نوى غير ما عليه ولو خطأ لم يجزه كما لو أخطأ في تعيين الإمام في الصلاة، وهذا بخلاف ما لو أخطأ في الحدث حيث يصح، والفرق أن بارتفاعه يرتفع غيره، وهنا لم يكفر عما عليه.
تنبيه: الذمي المظاهر كالمسلم يكفر بعد عوده بالعتق والطعام، ويتصور إعتاقه عن كفارته بأن يسلم عبده الكافر أو يرث عبدا مسلما أو يقول لمسلم: أعتق عبدك المسلم عن كفارتي فيجيبه أو نحو ذلك، والصوم منه لا يصح، ولا يطعم وهو قادر على الصوم، فيترك الوطئ أو يسلم ويصوم ثم يطأ، ويلزمه نية الكفارة عما يكفر به للتمييز لا للتقرب