وهذا التفصيل يجري في كل موضع قلنا إنه يدين فيه كما صرحوا به فيما إذا قال: طالقا من وثاقي، إن كان حلها منه قبل وإلا فلا، وفي الصور المذكورة آنفا.
تنبيه: أشعر قوله: بعضهن بفرض المسألة فيمن له غير المخاصمة، فلو لم يكن له غيرها طلقت كما بحثه بعضهم قياسا على ما لو قال: كل امرأة لي طالق إلا عمرة ولا امرأة له غيرها، فإنها تطلق كما في الروضة وأصلها عن فتاوى القفال وأقراه، بخلاف قوله: النساء طوالق إلا عمرة ولا امرأة له غيرها، والفرق أنه في هذه الصور لم يضف النساء لنفسه.
فصل: في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه: (قال أنت طالق في شهر كذا أو في غرته) أو رأسه (أو أوله) أو دخوله أو مجيئه أو ابتدائه أو استقباله أو أول آخر أوله، (وقع) الطلاق (بأول جزء) من الليلة الأولى ( منه) أي معه، لتحقق الاسم بأول جزء منه. ووجهه في شهر كذا أن المعنى إذا جاء شهر كذا ومجيئه يتحقق بمجئ أول جزء منه، والاعتبار في دخوله ببلد التعليق فلو علق ببلده وانتقل إلى أخرى ورأي فيها الهلال وتبين أنه لم ير في تلك لم يقع الطلاق بذلك، قاله الزركشي، وظاهره كما قال شيخنا أن محله إذا اختلفت المطالع.
تنبيه: لو رأى الهلال قبل غروب الشمس لم تطلق إلا بعد غروبها لأنه لليلة المستقبلة. (أو) أنت طالق (في نهاره) أي شهر كذا، (أو أول يوم منه) أي شهر كذا، (فبفجر أول يوم) منه تطلق إذ الفجر أول النهار وأول اليوم كما حكي عن أئمة اللغة، فإن أراد وسط الشهر أو آخره وقد قال: أنت طالق في شهر كذا، أو أراد من الأيام أحد الثلاثة الأول منه وقد قال: أنت طالق غرته دين لاحتمال ما قاله فيهما، ولان الثلاثة الأول غرر في الثانية ولا يقبل ظاهرا.
فإن قال: أردت بغرته أو برأسه النصف مثلا لم يدين، لأن غرة الشهر لا تطلق على غير الثلاثة الأول، ورأسه لا تطلق على غير أول ليلة منه. وإن قال: أنت طالق في رمضان مثلا وهو فيه طلقت في الحال، وإن قال: وهو فيه إذا جاء رمضان فتطلق في أول رمضان القابل، إذ التعليق إنما يكون على مستقبل. (أو) أنت طالق في (آخره) أي شهر كذا أو سلخه، (فبآخر جزء من الشهر) تطلق في الأصح. (وقيل) تطلق (بأول النصف الآخر) منه إذ كله آخر الشهر فيقع بأوله.
ورد بسبق الأول إلى الفهم.
فروع: لو علق بآخر أول آخره طلقت أيضا بآخر جزء منه، لأن آخره اليوم الأخير وأوله طلوع الفجر، فآخر أوله الغروب وهو الجزء الأخير، هذا ما قاله الشيخان وهو المعتمد، إن قال شيخنا: الأوجه أنها تطلق قبل زوال اليوم الأخير لأنه آخر أوله ووقت الغروب إنما هو آخر اليوم لا آخر أوله. وإن علق بأول آخره طلقت بأول اليوم الأخير منه لأنه أول آخره. ولو علق بآخر أوله طلقت بآخر اليوم الأول منه لأنه آخر أوله، وقيل: تطلق بآخر الليلة الأولى منه لأنها أوله بالحقيقة. ولو علق بانتصاف الشهر طلقت بغروب شمس الخامس عشر، وإن نقص الشهر، لأنه المفهوم من ذلك. ولو علق بنصف نصفه الأول طلقت بطلوع فجر الثامن، لأن نصف نصفه سبع ليال ونصف وسبعة أيام ونصف والليل سابق النهار، فيقابل نصف ليلة بنصف يوم وتجعل ثمان ليال وسبعة أيام نصفا وسبع ليال وثمانية أيام نصفا. ولو علق بنصف يوم كذا طلقت عند زواله لأنه المفهوم منه وإن كان اليوم يحسب من طلوع الفجر شرعا ونصفه الأول أطول. ولو علق بما بين الليل والنهار طلقت بالغروب إن علق نهارا وإلا فبالفجر، إذ كل منهما عبارة عن مجموع جزء من الليل وجزء من النهار، إذ لا فاصل بين الزمانين، وإن قال البلقيني: الأقيس أن يقع الطلاق في الحال كما لو قال أنت طالق لا في زمن. (ولو قال ليلا) أي فيه (إذا مضى يوم) بالتنكير فأنت طالق، (فبغروب شمس غده) تطلق إذ يتحقق به مضي اليوم، (أو) قاله (نهارا) أي فيه، (ففي مثل وقته من غده) تطلق لأن اليوم حقيقة في جميعه متواصلا كان أو متفرقا، فإن فرض انطباق التعليق على أول النهار وقع بغروب شمسه، وهذا كما قال الأذرعي إذا تم