مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٦
كقبوله، وقبوله فور، فإن أخرت بقدر ما ينقطع به القبول عن الايجاب أو تخلل كلام أجنبي كثير بين تفويضه وتطليقها ثم طلقت نفسها لم تطلق. فلو قالت: كيف أطلق نفسي ثم طلقت وقع، والفصل بذلك لا يؤثر لقصره، ولا يصح من غير مكلف، ولا يقع على غير مكلفة كما علم مما مر لفساد العبارة. نعم لو قال: وكلتك في طلاق نفسك لم يشترط الفور، وكذا إن قال: طلقي نفسك متى - أو متى ما - شئت لم يشترط الفور وإن اقتضى التمليك اشتراطه، قال ابن الرفعة: لأن الطلاق لما قبل التعليق سومح في تمليكه، وهذا ما جزم به صاحب التنبيه ووجهه ابن الرفعة بما ذكره، وجرى عليه ابن المقري في روضه، وقيل: لا يصح إلا على القول بأنه توكيل، والمعتمد الأول ووجهه ما مر. (وإن قال لها طلقي) نفسك (بألف فطلقت) فورا وهي جائزة التصرف بانت (ولزمها ألف) ويكون تمليكها بعوض كالبيع، فإن لم يذكر عوض فهو كالهبة (وفي قول) نسب للقديم أن التفويض (توكيل) كما لو فوض طلاقها لأجنبي وأجاب الأول بأن لها فيه غرضا وله بها اتصالا. وإذا قلنا بأنه توكيل (فلا يشترط) في تطليقها (فور في الأصح) كما في توكيل الأجنبي. والثاني: يشترط لما فيه من شائبة التمليك (و) على قول التوكيل (في اشتراط قبولها) لفظا (خلاف الوكيل) الذي سبق في بابه، والمرجح منه عدم اشتراط القبول لفظا.
تنبيه: لو قال كالمحرر: ففي اشتراط لأفهم التفريع على ما قبله. (وعلى القولين) لتمليك والتوكيل (له الرجوع) عن التفويض (قبل تطليقها) لأن التمليك والتوكيل يجوز الرجوع فيهما قبل القبول، فإذا رجع ثم طلقت لم يقع علمت برجوعه أم لا (ولو) علق التفويض كأن قال لها: (إذا جاء رمضان) مثلا فطلقي نفسك، (لغا على) قول (التمليك) لأن التعليق لا يصح تعليقه. ولو قال: ملكتك هذا العبد إذا جاء رأس الشهر، قال في الروضة: وجاز على قول التوكيل كما في توكيل الأجنبي اه‍. فإن قيل: تقدم في الوكالة أنه لا يصح تعليقها بشرط في الأصح، ولذا قال الشارح فليتأمل الجمع بين ما هنا وما هناك أجيب بأن أصل هذا مبني على صحة تصرف الوكيل بالوكالة الفاسدة مستندا إلى الاذن فيها فلا يشكل بما مر في الوكالة. واعلم أن ما تقدم من صور التفويض بالصريح، (و) أما بالكناية فهو كما (لو قال) لها (أبيني نفسك فقالت أبنت ونويا) أي الزوج تفويض الطلاق إليها بأبيني ونوت هي تطليق نفسها بأبنت، (وقع) الطلاق، لأن الكناية مع النية كالصريح.
(وإلا) بأن لم ينويا أو أحدهما، (فلا) يقع لأنه إن لم ينو هو فلا تفويض وإن لم تنو هي فلا تطليق إذ الطلاق لا يقع بهذا اللفظ وحده. (ولو) صرح فكنت أو عكسه كأن (قال) لها: (طلقي) نفسك، (فقالت أبنت ونوت، أو) قال (أبيني) نفسك (ونوى، فقالت: طلقت، وقع) الطلاق، لأنها أمرت بالطلاق وقد فعلته في الحالين، ولا يضر اختلاف لفظهما. وأفهم كلام المصنف أن التخالف في الكناية أو الصريح كاختاري نفسك، فقالت: ابنتها، أو طلقي نفسك، فقالت: سرحتها لا يضر من باب أولى، نعم إن قال لها: طلقي نفسك بصريح الطلاق أو بكنايته أو بالتسريح أو نحو ذلك فعدلت عن المأذون فيه إلى غيره لم تطلق لمخالفتها صريح كلامه.
تنبيه: عبر في الروضة والشرح بطلقي نفسك، وفي الثانية بأبيني نفسك، وذلك يشعر باعتبار قوله نفسك، وحذف المصنف لفظة نفسك منهما وزدتها في الشرح، فأفهم أنه لا يشترط، وفيه وجهان: أحدهما لا يقع وإن نوت نفسها، إذ ليس في كلام أحدهما ما يشعر بالفراق، وبه قال القاضي والبغوي في تهذيبه. وثانيهما: يقع إذا نوت نفسها، وبه قال البوشنجي والبغوي في تعليقه، وهذا كما قال الأذرعي هو المذهب الصحيح، وهي قضية كلام جماعة من
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460