مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٢
طلقتك، سواء أكان لها أهل أم لا. (حبلك على غاربك) أي خليت سبيلك كما يخلى البعير في الصحراء وزمامه على غاربه، وهو ما تقدم من الظهر وارتفع من العتق، ليرعى كيف شاء. (لا أنده سربك) من النده، وهو الزجر، أي لا أهتم بشأنك لأني طلقتك، والسرب بفتح السين وسكون الراء المهملتين: الإبل وما يرعى من المال، أما بكسر السين فالجماعة من الظباء والبقر، ويجوز كسر السين هنا. (اعزبي) بمهملة ثم زاي، أي تباعدي عني (اغربي) بمعجمة ثم راء، أي صيري غريبة بلا زوج. (دعيني) أي اتركيني لأني طلقتك. (ودعيني) بتشديد الدال المكسورة من الوداع، فواوه أصلية لا عاطفة، أي لأني طلقتك. (ونحوها) كقوله: لا حاجة لي فيك أي لأني طلقتك، أي مرارة الفراق. وتزودي، أي استعدي للحوق بأهلك.
وتقنعي واستتري، أي لأني طلقتك فأنت محرمة علي فلا تحل لي رؤيتك. وتجرعي، أي كأس الفراق. وابعدي لأنك أجنبية مني. واذهبي، أي إلى أهلك لأني طلقتك لا اذهبي إلى بيت أبوي إن نوى الطلاق بمجموعه، لأن قوله إلى بيت أبوي لا يحتمل الطلاق، فإن نواه بقوله: اذهبي وقع، إذ ضابط الكناية كل لفظ له إشعار قريب بالفراق ولم يشع استعماله فيه شرعا ولا عرفا، كسافري واخرجي ويا بنتي إن أمكن كونها بنته، وإن كانت معلومة النسب من غيره كما إذا قاله لامته، وإنما لم يكن صريحا، لأنه إنما يستعمل في العادة للملاطفة وحسن المعاشرة. وتزوجي وانكحي، أي لأني طلقتك. وأحللتك، أي للأزواج لأني طلقتك: وفتحت عليك الطلاق، أي أوقعته. ولعل الله يسوق إليك الخير، أي بالطلاق. وبارك الله لك، أي في الفراق لا إن قال بارك الله فيك فليس بكناية، لأن معناه بارك الله لي فيك، وهو يشعر برغبته فيها. ووهبتك لأهلك أو للناس أو للأزواج أو للأجانب. ولا حاجة لي فيك، أنت وشأنك وسلام عليك، قاله ابن الصلاح، لأنه يقال عند الفراق. قال في المحرر: ولا تكاد تنحصر. (والاعتاق) صريحه وكنايته (كناية طلاق) لاشتراكهما في إزالة الملك، فقوله لزوجته: أعتقتك أو لا ملك لي عليك إن نوى به الطلاق طلقت وإلا فلا. (وعكسه) أي صريح الطلاق، وكنايته كناية إعتاق لما مر. فقوله لرقيقه: طلقتك أو أنت خلي أو نحو ذلك إن نوى به العتق عتق وإلا فلا. نعم قوله لعبده: اعتد أو استبرئ رحمك لغو لا يعتق به وإن نواه لاستحالة ذلك في حقه، ومثله كما بحثه شيخنا الخنثى وكناية في الأمة. وقوله لعبده أو أمته: أنا منك حر أو أعتقت نفسي لغو لا يعتق به وإن نواه، بخلاف الزوجة، لأن الزوجية تشمل الجانبين، بخلاف الرق فإنه يختص بالمملوك. (وليس الطلاق كناية ظهار وعكسه) وإن اشتركا في إفادة التحريم، لأن تنفيذ كل منهما في موضوعه ممكن، فهذه المسألة من فروع قاعدة ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره، فلو قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي ونوى الطلاق، أو: أنت طالق ونوى الظهار، لم يقع ما نواه بل يقع مقتضى الصريح. واستثنى من هذه القاعدة مسائل: منها ما لو قال المستحق عليه للمستحق: أردت بقولي أحلتك الوكالة وقال المستحق: بل أردت الحوالة وصدق المستحق عليه بيمينه، ومنها ما لو قال: تصدقت فإنه صريح في بابه وكناية في الوقف.
ومنها ما لو قال لزوجته: فسخت نكاحك وهو متمكن من الفسخ بعيبها ونوى الطلاق فهو طلاق مع أن الفسخ صريح في رفع نكاح المعيبة بحيث تبين به من غير طلاق، فقد وجد نفاذا في موضوعه حينئذ، وهو كناية في الطلاق.
ومنها ما لو أسلم على أكثر من أربع، فقال لإحداهن: فارقتك فإنه فسخ وإن كان لفظه صريحا في الطلاق. ومنها ما لو قال لزوجته: أنت علي حرام كظهر أمي فالمجموع كناية في الطلاق مع أنه إذا أطلق كان ظهارا. (ولو قال) لزوجته:
رأسك أو فرجك أو (أنت علي حرام أو حرمتك ونوى) بذلك (طلاقا) رجعيا أو بائنا وإن تعدد، (أو) نوى به (ظهارا) أي أنها عليه كظهر أمه، (حصل) ما نواه لأن كلا منهما يقتضي التحريم، فجاز أن يكنى عنه بالحرام. (أو نواهما) أي الطلاق والظهار معا، وكذا متعاقبين كما قاله الشيخ أبو علي، أي قبل الفراغ من اللفظ، كأن أراد
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460