لسانه بالطلاق لتعلق حق الغير به، ولان الظاهر الغالب أن البالغ العاقل لا يتكلم بكلام إلا ويقصده. (إلا بقرينة) كأن دعاها بعد طهرها من الحيض إلى فراشه وأراد أن يقول: أنت الآن ظاهرة، فسبق لسانه فقال: أنت اليوم طالقة.
تنبيه: لو ظنت صدقه في دعواه السبق فلها قبول قوله، وكذا للشهود أن لا يشهدوا عليه بالطلاق كما ذكره في أصل الروضة هنا، وذكر أواخر الطلاق أنه لو سمع لفظ رجل بالطلاق وتحقق أنه سبق لسانه إليه لم يكن له أن يشهد عليه بمطلق الطلاق، وكان ما هنا فيما إذا ظنوا وما هناك فيما إذا تحققوا كما يفهمه كلامه. قال شيخنا: ومع ذلك فيما هنا نظر اه. والأولى إلحاق ما هنا بما هناك كما قاله بعض المتأخرين. (ولو كان اسمها طالقا فقال) لها (يا طالق) بضم القاف بخطه، (وقصد النداء لم تطلق) جزما لأنه صرفه عن معناه، وكونها اسمها كذلك قرينة تسوغ تصديقه.
تنبيه: المراد قصد ندائها باسمها وإلا فنداؤها مقصود، وإن أراد الطلاق، (وكذا إن أطلق) بأن لم يقصد شيئا وكان اسمها ذلك عند النداء لم تطلق أيضا (في الأصح) حملا على النداء، ولأنه لم يقصد الطلاق واللفظ هنا مشترك والأصل دوام النكاح. أما إذا كان اسمها ذلك ثم غير إلى غيره ثم خطابها به بعد التغيير طلقت عند الاطلاق كما ذكره الرافعي في نظير المسألة من العتق في نداء عبده المسمى بحر يا حر. (وإن كان اسمها طارقا أو طالبا) أو طالعا أو نحوها من الأسماء التي تقارب حروف طالق، (فقال) لها: يا طالق، وقال: أردت (النداء) لها باسمها (فالتف) بلساني (الحرف، صدق) ظاهرا لظهور القرينة. (ولو خاطبها بطلاق) لها (هازلا) وهو قصد اللفظ دون معناه، (أو لاعبا) بأن لم يقصد شيئا لقولها له في معرض دلال أو ملاعبة أو استهزاء: طلقني فيقول لها لاعبا أو مستهزئا: طلقتك. (أو) خاطبها بطلاق (وهو يظنها أجنبية) ويصدق ذلك بصور: إما (بأن كانت في ظلمة) أو من وراء حجاب، (أو) بأن (نكحها) له (وليه أو وكيله ولم يعلم) بالنكاح أو نسيه أو نحو ذلك، (وقع الطلاق). أما في الأوليين فلانه أتى باللفظ عن قصد واختيار وعدم رضاه بوقوعه لظنه أنه لا يقع لا أثر له لخطأ ظنه، وفي حديث حسنه الترمذي وقال الحاكم: صحيح الاسناد: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد:
الطلاق، والنكاح، والرجعة. قال البغوي: وخص في الحديث الثلاث لتأكد أمر الفرج وإن كان البيع وسائر التصرفات تنعقد بالهزل على الأصح اه. وأما فيما بعدهما فلانه أوقع الطلاق في محله وظن غير الواقع لا يدفعه.
تنبيه: عطف المصنف اللعب على الهزل يقتضي تغايرهما، وكلام أهل اللغة يقتضي ترادفهما، قال الزمخشري في الفائق: الهزل واللعب من وادي الاضطراب. وعبارة المحرر: على سبيل اللعب والهزل، وهي تقتضي اتحادهما، والذي يشهد له الاستعمال أن الهزل يختص بالكلام واللعب أعم، وظاهر إطلاق المصنف الوقوع أنه يقع ظاهرا وباطنا، لكن قضية كلام الروضة أنه لا يقع في مسألة الظن باطنا، وهو الظاهر وإن قال الأذرعي قضية كلام الروياني أن المذهب الوقوع باطنا. ولو نسي أن له زوجة فقال: زوجتي طالق طلقت كما نقلاه عن النص وأقراه. وما جزم به المصنف من وقوع الطلاق فيما إذا ظنها أجنبية يتشكل عليه مسألة ذكرها الخوارزمي في الكافي، فقال: رجل تزوج امرأة في الرستاق فذهبت إلى البلد وهو لا يعلم، فقيل له: ألك زوجة في البلد؟ وهو لا يعلم، فقال: إن كان لي زوجة في البلد فهي طالق وكانت هي في البلد، فعلى قول حنث الناسي. قال البلقيني: وأكثر ما يلمح في الفرق بينهما صورة التعليق.
ولو كان واعظا مثلا وطلب من الحاضرين شيئا فلم يعطوه، فقال متضجرا منهم: طلقتكم وفيهم امرأته ولم يعلم بها لم تطلق كما بحثه في أصل الروضة بعد نقله عن الإمام أنه أفتى بخلافه، قال المصنف: لأنه لم يقصد معنى الطلاق، ولأن النساء لا يدخلن في خطاب الرجال إلا بدليل، واعترض عليه بمنع أنه لم يقصد معنى الطلاق، إذ معناه الفرقة وقد