بخلاف ذلك وإن اشتهر فيه. والطريق الثاني وجهان: أحدهما: أنه كناية اقتصارا في الصريح على العربي لوروده في القرآن وتكرره على لسان حملة الشرع.
تنبيه: اقتصار المصنف على الطلاق قد يفهم أن ترجمة الفراق والسراح كناية، وهو كذلك كما صححه في أصل الروضة وجزء به ابن المقري في روضه، للاختلاف في صراحتهما بالعربية فضعفا بالترجمة فإن قيل: تخصيص المصنف الترجمة بالعجمية قاصر فإن غير العجمية من اللغات كذلك، ولهذا عبر في المحرر بسائر اللغات. أجيب بأن مراده بالعجمية ما عدا العربية من سائر اللغات. (و) كل من (أطلقتك وأنت مطلقة) بسكون الطاء، (كناية) لعدم اشتهاره في معنى الطلاق.
تنبيه: قول المصنف: كناية أولى من قول المحرر ليس بصريح، إذ لا يلزم من نفي صراحته إثبات كنايته. (ولو اشتهر) عرفا (لفظ للطلاق كالحلال) - بضم اللام - علي حرام، (أو حلال الله علي حرام) أو: أنت علي حرام، وكذا الحرام يلزمني أو علي الحرام كما بحثه الزركشي، (فصريح في الأصح) عند من اشتهر عندهم، كما قاله الرافعي تبعا للمراوزة، لغلبة الاستعمال وحصول التفاهم عندهم. (قلت: الأصح) المنصوص وعليه الأكثرون (أنه كناية) مطلقا (والله أعلم) لأن الصريح إنما يؤخذ من ورود القرآن به وتكرره على لسان حملة الشرع، وليس المذكور كذلك، أما من لم يشتهر عندهم فكناية في حقهم جزما.
تنبيه: قول الزوج لزوجته: ألقيت عليك طلقة صريح وفى قوله لها وضعت عليك طلقة أو لك طلقة وجهان أوجههما أنه صريح في الأولى قياسا على ألقيت عليك طلقة كناية في الثانية كما قاله شيخنا، وإن كان كلام الرافعي يميل إلى الصراحة.
وقوله لها: لم يبق بيني وبينك شئ وبيعه لها بصيغة البيع بلا عوض أو به، أو: أبرأتك أو عفوت عنك أو برئت من نكاحك أو برئت إليك من طلاقك كناية، ومعناه في الأخيرة: برئت منك بواسطة إيقاع الطلاق عليك، وهذا بخلاف قوله لها: برئت من طلاقك فليس بكناية فلا يقع به طلاق وإن نواه، وإن قال الأذرعي لا يبعد إيقاعه به. وقوله: الطلاق لازم لي أو واجب علي صريح، بخلاف قوله: فرض علي للعرف في ذلك. قال في البحر عن المزني: ولو قال: علي الطلاق فهو كناية، وقال الصيمري: إنه صريح، وهو كما قال شيخنا أوجه، بل قال الزركشي وغيره: إنه الحق في هذا الزمن لاشتهاره في معنى التطليق. فقول ابن الصلاح في فتاويه: أنه لا يقع به شئ، محمول على أنه لم يشتهر في زمنه ولم ينو به الطلاق. وقوله لها: طلقك الله، ولغريمه: أبرأك الله، وقوله لامته: أعتقك الله صريح في الطلاق والابراء والعتق، إذ لا يطلق الله ولا يبرئ، ولا يعتق إلا والزوجة طالق، والغريم برئ، والأمة معتقة. فإن قيل: قد تقدم في البيع أن باعك الله وأقالك الله كناية، فهلا كان ما ذكر كذلك أجيب بأن الصيغ هنا قوية لاستقلالها بالمقصود، بخلاف صيغتي البيع والإقالة. وقوله لها: طلاقك علي أو لست زوجتي كناية، وفارق الأول منهما على الطلاق على قول الصيمري باحتماله طلاقك فرض علي مع عدم اشتهاره بخلاف علي الطلاق. (وكنايته) أي الطلاق، (كأنت خلية) أي خالية مني، وكذا يقدر الجار والمجرور فيما بعده، (برية) بهمز وتركه بخطه، وحيث قلت: بخطه المراد المصنف - أي منفصلة، (بتة) بمثناة قبل آخره، أي مقطوعة الوصلة، مأخوذة من البت، وهو القطع.
تنبيه: تنكير البتة جوزه الفراء، والأصح وهو مذهب سيبويه أنه لا يستعمل إلا معرفا باللام. (بتلة) أي متروكة النكاح، ومنه: نهى عن التبتل. (بائن) من البين وهو الفراق.
تنبيه: قوله: بائن هو اللغة الفصحى، والقليل بائنة. (اعتدي استبرئي رحمك) أي لأني طلقتك، وسواء في ذلك المدخول بها وغيرها (إلحقي بأهلك) بكسر الهمزة وفتح الحاء، وقيل: بالعكس، وجعله المطرزي خطأ أي لأني