مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٠
ولو قال: لم أنو به الطلاق لم يقبل، وحكى الخطابي فيه الاجماع. (و) يقع أيضا (بكناية) وهي ما يحتمل الطلاق وغيره، لكن (بنية) لايقاعه. فإن قيل: سيأتي أنه يشترط قصد لفظ الطلاق لمعناه، ولا يكفي قصد حروف الطلاق من غير قصده معناه، فكيف يقال إن الصريح لا يحتاج إلى نية بخلاف الكناية أجيب بأن كلا منهما يشترط فيه قصد اللفظ لمعناه حتى يخرج العجمي إذا لقن كلمة الطلاق وهو لا يعرف معناها فلا يقع طلاقه. والمراد بالنية في الكناية أن يقصد الايقاع، وليس بشرط لمن عرف معناه، وحينئذ فقول المصنف: بلا نية، أي بلا نية الايقاع، أما قصد التلفظ به فيشترط.
نعم المكره إن نوى مع الصريح الوقوع وقع وإلا فلا.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يقع طلاق بنية من غير لفظ، وهو كذلك، ولا بتحريك لسانه بكلمة الطلاق إذا لم يرفع صوته بقدر ما يسمع نفسه مع اعتدال سمعه وعدم المانع لأن هذا ليس بكلام.
تنبيه: لو أتى بكناية من كناية الطلاق وضم إليها من الألفاظ ما يدل على المراد ك‍ أنت بائن بينونة محرمة لا تحلي لي أبدا لم تخرج عن كونها كناية. واستشكل بما ذكروه في الوقف من أنه لو قال: تصدقت بكذا كان كناية، فلو أضاف إليه: لا يباع ولا يوهب، فالأصح صراحته. (فصريحه) جزما (الطلاق) أي ما اشتق منه كما سيأتي لاشتهاره فيه لغة وعرفا، (وكذا الفراق والسراح) بفتح السين، أي ما أشتق منهما، (على المشهور) فيهما لورودهما في القرآن بمعناه، والثاني:
أنهما كنايتان لأنهما لم يشتهرا اشتهار الطلاق ويستعملان فيه وفي غيره.
تنبيه: جملة قوله: وكذا الخ معطوف على الطلاق لا على صريحه، وإلا يلزم حصر الصريح في الطلاق مع أن من صريحة ما مر في باب الخلع من أن الخلع صريح في الأصح إن ذكر المال وكذا المفاداة. وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين المسلم والكافر، والظاهر ما قاله الماوردي في نكاح المشرك أن كل ما كان عند المشركين صريحا في الطلاق أجري عليه حكم الصريح وإن كان كناية عندنا، وكل ما كان عندهم كناية أجري عليه حكم الكناية وإن كان صريحا عندنا، لأنا نعتبر عقودهم في شراكتهم، فكذا طلاقهم. وأمثلة المشتق من الطلاق (كطلقتك، وأنت طالق، ومطلقة) بالتشديد، ويا مطلقة، (ويا طالق) إن كان لم يكن اسمها ذلك وإلا فكناية كما جزم به المصنف وغيره، ولو حذف المفعول كأن قال: طلقت أو المبتدأ وحرف النداء كأن قال: طالق لم يقع الطلاق كما هو ظاهر كلامهم، وصرح به القفال في الأولى، (لا أنت طلاق) فليسا بصريحين (في الأصح) بل كنايتان لأن المصادر إنما تستعمل في الأعيان توسعا. والثاني: أنهما صريحان كقوله: يا طالق. ويقاس بما ذكر فارقتك وسرحتك فهما صريحان، وكذا أنت مفارقة ومسرحة ويا مفارقة ويا مسرحة وأنت فراق والفراق وسراح والسراح كنايات. ولو قال: أردت بالطلاق إطلاقها من وثاق أو بالفراق: مفارقة المنزل أو فراقا بالقلب أو بالسراح: تسريحها إلى منزل أهلها أو أردت غير هذه الألفاظ فسبق لساني إليها ولم يكن قرينة تدل على ذلك لم يقبل في الظاهر، لأنه خلاف ما يقتضيه اللفظ عرفا، ودين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه يحتمل ما ادعاه. فإن كانت قرينة، كما لو قال ذلك وهو يحلها من وثاق قبل ظاهرا لوجود القرينة الدالة على ذلك. فإن صرح بما ذكر كأن قال: أنت طالق من وثاق أو من العمل أو سرحتك إلى كذا كان كناية إن قصد أن يأتي بهذه الزيادة قبل فراغه من الحلف وإلا فصريح، ويجري ذلك فيمن يحلف بالطلاق من ذراعه أو فرسه أو رأسه أو نحو ذلك.
ولو أتى بالتاء المثناة من فوق بدل الطاء كأن يقول: أنت تألق كانت كناية كما أفاده شيخي، قال: سواء كانت لغته كذلك أم لا، ولو قال: نساء المسلمين طوالق لم تطلق زوجته إن لم ينو طلاقها بناء على الأصح من أن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه، وليس قوله: بانت مني امرأتي أو حرمت علي إقرار بالطلاق لأنه كناية فيتوقف على النية. (وترجمة) لفظ (الطلاق بالعجمية صريح على المذهب) لشهرة استعمالها في معناها عند أهلها شهرة استعمال العربية عند أهلها، ويفرق بينها وبين عدم صراحة نحو: حلال الله علي حرام عند المصنف كما سيأتي بأنها موضوعة للطلاق بخصوصه
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460