والطرف الآخر يتولاه أحد الزوجين أو وكيله، ولا يتولى الطرفين كما في البيع وغيره. (وقيل) يتولى (الطرفين) لأن الخلع يكفي فيه اللفظ من أحد الجانبين، كما لو قال: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق، فأعطته ذلك يقع الطلاق خلعا. ثم شرع في الركن الخامس، وهو الصيغة وتنقسم إلى صريح وكناية معبرا عنه بفصل فقال:
فصل: (الفرقة بلفظ الخلع طلاق) ينقص العدد كلفظ الطلاق، لأن الله تعالى ذكره بين طلاقين في قوله: * (الطلاق مرتان) * الآية، فدل على أنه ملحق بهما، ولأنه لو كان فسخا لما جاز على غير الصداق إذ الفسخ يوجب استرجاع البدل كما أن الإقالة لا تجوز بغير الثمن. (وفي قول: فسخ لا ينقص عددا) ويجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر، لأنها فرقة حصلت بمعاوضة فتكون فسخا كشراء زوجته، وهذا القول منسوب إلى القديم، وفي قول نص عليه في الام أنه لا يحصل به شئ لا فرقة طلاق ولا فسخ. وخرج بلفظ الخلع الفرقة بلفظ الطلاق إذا كان بعوض فإنه يكون طلاقا قاطعا، وكذا إن قصد بلفظ الخلع الطلاق، أو اقترن بلفظ الخلع طلاقا كخالعتك على طلقة بألف. قال الفوراني: وإذا نوى بالخلع عددا إن جعلناه طلاقا وقع ما نواه، أو فسخا فلا لأنه لا يتعدد. (فعلى الأول) وهو أن الخلع طلاق، (لفظ الفسخ) كفسخت نكاحك بكذا فقبلت (كناية) فيه، لأنه لم يرد في القرآن ولم يستعمل عرفا فيه فلا يكون صريحا فلا يقع الطلاق فيه بلا نية.
تنبيه: ليس المراد أن لفظ الفسخ كناية في لفظ الخلع، إذ اللفظ لا يكنى به عن لفظ آخر، بل المراد أنه كناية في الفرقة بعوض التي يعبر عنها بلفظ الخلع ويحكم عليها بأنها طلاق. (والمفاداة) كفاديتك بكذا حكمها (كخلع) في صراحته الآتية (في الأصح) لورود لفظة المفاداة في القرآن. قال تعالي (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) والثاني أنه كناية، لأنه لم يتكرر في القرآن ولم يشتهر على لسان حملة الشريعة. (ولفظ الخلع صريح) في الطلاق فلا يحتاج معه لنية لأنه تكرر على لسان حملة الشرع لإرادة الفراق فكان كالتكرر في القرآن، وهذا ما صرح به البغوي والنسائي وصاحب الأنوار والأسنوي والبلقيني، وظاهره أنه لا فرق بين أن يذكر معه مال أم لا. (وفي قول) هو (كناية) فيه يحتاج لنية الطلاق حظا له عن لفظ الطلاق المتكرر في القرآن ولسان حملة الشريعة، ولان صرائح الطلاق منحصرة في ألفاظ ليس هذا منها. وهذا ما نص عليه في مواضع من الام، وقال القاضي الحسين وغيره: إنه ظاهر المذهب، وظاهره أنه لا فرق بين أن يذكر معه مال أم لا، والأصح كما في الروضة أن الخلع والمفاداة أن ذكر معهما المال فهما صريحان في الطلاق، لأن ذكره يشعر بالبينونة وإلا فكنايتان (فعلى الأول) وهو صراحة الخلع، (لو جرى بغير ذكر ماله) مع زوجته بنية التماس قبولها ولم ينف العوض كأن قال: خالعتك أو فاديتك ونوى التماس قبولها فقبلت بانت، و (وجب مهر مثل في الأصح) لاطراد العرف بجريان ذلك بعوض، فيرجع عند الاطلاق إلى مهر المثل لأنه المرد كالخلع بمجهول، فإن جرى مع أجنبي طلقت مجانا كما لو كان معه العوض فاسد، ولو نفى العوض فقال: خالعتك بلا عوض وقع رجعيا وإن قبلت ونوى التماس قبولها، فإن لم تقبل لم تطلق، وإن قبلت ولم يضمر التماس جوابها ونوى الطلاق وقع رجعيا ولا مال.
تنبيه: قضية كلام المصنف وقوع الطلاق جزما، وهو مخالف لما مر عن الروضة من كونه كناية على الأصح، كذا نبه عليه ابن النقيب وغيره. قال الجلال البلقيني: والحق أنه منافاة بينهما، فإنه ليس في المنهاج صريح مع عدم ذكر المال، فلعل مراده أنه جرى بغير ذكر مال مع وجود مصحح له وهو اقتران النية اه. وهو جمع حسن