مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦٨
والطرف الآخر يتولاه أحد الزوجين أو وكيله، ولا يتولى الطرفين كما في البيع وغيره. (وقيل) يتولى (الطرفين) لأن الخلع يكفي فيه اللفظ من أحد الجانبين، كما لو قال: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق، فأعطته ذلك يقع الطلاق خلعا. ثم شرع في الركن الخامس، وهو الصيغة وتنقسم إلى صريح وكناية معبرا عنه بفصل فقال:
فصل: (الفرقة بلفظ الخلع طلاق) ينقص العدد كلفظ الطلاق، لأن الله تعالى ذكره بين طلاقين في قوله: * (الطلاق مرتان) * الآية، فدل على أنه ملحق بهما، ولأنه لو كان فسخا لما جاز على غير الصداق إذ الفسخ يوجب استرجاع البدل كما أن الإقالة لا تجوز بغير الثمن. (وفي قول: فسخ لا ينقص عددا) ويجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر، لأنها فرقة حصلت بمعاوضة فتكون فسخا كشراء زوجته، وهذا القول منسوب إلى القديم، وفي قول نص عليه في الام أنه لا يحصل به شئ لا فرقة طلاق ولا فسخ. وخرج بلفظ الخلع الفرقة بلفظ الطلاق إذا كان بعوض فإنه يكون طلاقا قاطعا، وكذا إن قصد بلفظ الخلع الطلاق، أو اقترن بلفظ الخلع طلاقا كخالعتك على طلقة بألف. قال الفوراني: وإذا نوى بالخلع عددا إن جعلناه طلاقا وقع ما نواه، أو فسخا فلا لأنه لا يتعدد. (فعلى الأول) وهو أن الخلع طلاق، (لفظ الفسخ) كفسخت نكاحك بكذا فقبلت (كناية) فيه، لأنه لم يرد في القرآن ولم يستعمل عرفا فيه فلا يكون صريحا فلا يقع الطلاق فيه بلا نية.
تنبيه: ليس المراد أن لفظ الفسخ كناية في لفظ الخلع، إذ اللفظ لا يكنى به عن لفظ آخر، بل المراد أنه كناية في الفرقة بعوض التي يعبر عنها بلفظ الخلع ويحكم عليها بأنها طلاق. (والمفاداة) كفاديتك بكذا حكمها (كخلع) في صراحته الآتية (في الأصح) لورود لفظة المفاداة في القرآن. قال تعالي (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) والثاني أنه كناية، لأنه لم يتكرر في القرآن ولم يشتهر على لسان حملة الشريعة. (ولفظ الخلع صريح) في الطلاق فلا يحتاج معه لنية لأنه تكرر على لسان حملة الشرع لإرادة الفراق فكان كالتكرر في القرآن، وهذا ما صرح به البغوي والنسائي وصاحب الأنوار والأسنوي والبلقيني، وظاهره أنه لا فرق بين أن يذكر معه مال أم لا. (وفي قول) هو (كناية) فيه يحتاج لنية الطلاق حظا له عن لفظ الطلاق المتكرر في القرآن ولسان حملة الشريعة، ولان صرائح الطلاق منحصرة في ألفاظ ليس هذا منها. وهذا ما نص عليه في مواضع من الام، وقال القاضي الحسين وغيره: إنه ظاهر المذهب، وظاهره أنه لا فرق بين أن يذكر معه مال أم لا، والأصح كما في الروضة أن الخلع والمفاداة أن ذكر معهما المال فهما صريحان في الطلاق، لأن ذكره يشعر بالبينونة وإلا فكنايتان (فعلى الأول) وهو صراحة الخلع، (لو جرى بغير ذكر ماله) مع زوجته بنية التماس قبولها ولم ينف العوض كأن قال: خالعتك أو فاديتك ونوى التماس قبولها فقبلت بانت، و (وجب مهر مثل في الأصح) لاطراد العرف بجريان ذلك بعوض، فيرجع عند الاطلاق إلى مهر المثل لأنه المرد كالخلع بمجهول، فإن جرى مع أجنبي طلقت مجانا كما لو كان معه العوض فاسد، ولو نفى العوض فقال: خالعتك بلا عوض وقع رجعيا وإن قبلت ونوى التماس قبولها، فإن لم تقبل لم تطلق، وإن قبلت ولم يضمر التماس جوابها ونوى الطلاق وقع رجعيا ولا مال.
تنبيه: قضية كلام المصنف وقوع الطلاق جزما، وهو مخالف لما مر عن الروضة من كونه كناية على الأصح، كذا نبه عليه ابن النقيب وغيره. قال الجلال البلقيني: والحق أنه منافاة بينهما، فإنه ليس في المنهاج صريح مع عدم ذكر المال، فلعل مراده أنه جرى بغير ذكر مال مع وجود مصحح له وهو اقتران النية اه‍. وهو جمع حسن
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460