لفظا أو بحضور الغير لاقتضاء القرينة عدم الاكل بدون ذلك.
تنبيه: أفهم قوله: مما قدم له أنه ليس للأراذل أن يأكلوا مما بين أيدي الأماثل من الأطعمة النفيسة المخصوصة بهم، وبه صرح الشيخ عز الدين، قال: إذ لا دلالة على ذلك بلفظ ولا عرف بل العرف زاجر عنه. وأن الضيف لا يأكل جميع ما قدم له، وبه صرح ابن الصباغ، قال ابن شهبة: وفيه نظر إذا كان قليلا يقتضي العرف أكل جميعه اه. وهذا ظاهر إذا علم رضا مالكه بذلك. وصرح الماوردي بتحريم الزيادة على الشبع أي إذا لم يعلم رضا مالكه، وأنه لو زاد لم يضمن، قال الأذرعي: وفيه وقفة اه. وحد الشبع أن لا يعد جائعا، وأما الزيادة على الشبع من مال نفسه الحلال فمكروه، وكذا من مال غيره إذا علم رضا مالكه. قال ابن عبد السلام: ولو كان الضيف يأكل كعشرة مثلا ومضيفه جاهلا بحاله لم يجز له أن يأكل فوق ما يقتضيه العرف في المقدار. قال: ولو كان الطعام قليلا فأكل لقما كبارا مسرعا حتى يأكل أكثر الطعام ويحرم أصحابه لم يجز له ذلك. ويحرم التطفل، وهو حضور الوليمة من غير دعوة، إلا إذا علم رضا المالك به لما بينهما من الانس والانبساط، وقيد ذلك الإمام بالدعوة الخاصة، أما العامة كأن فتح الباب ليدخل من شاء فلا تطفل. والتطفيل مأخوذ من التطفل، وهو منسوب إلى طفيل رجل من أهل الكوفة كان يأتي الولائم بلا دعوة فكان يقال له طفيل الاعراس. (ولا يتصرف فيه) ببيع ولا غيره (إلا بالاكل) لأنه المأذون فيه عرفا فلا يطعم سائلا ولا هرة إلا إن علم رضا مالكه به. وللضيف تلقيم صاحبه إلا أن يفاضل المضيف طعامهما، فليس لمن خص بنوع أن يطعم غيره منه، وظاهره المنع، سواء أخص بالنوع العالي أم بالسافل وهو محتمل، ويحتمل تخصيصه بمن خص بالعالي، ونقل الأذرعي هذا عن مقتضى كلام الأصحاب، قال: وهو ظاهر. ويكره لصاحب الطعام أن يفاضل بين الضيفين في الطعام لما في ذلك من كسر الخاطر.
تنبيه: يملك المضيف ما التقمه بوضعه في فمه على ما اقتضى كلام الشرح الصغير ترجيحه وجزم به ابن المقري وصرح بترجيحه القاضي والأسنوي، وإن كان قضية كلام المتولي أنه يتبين بالازدراد أنه ملكه قبله، وقيل: يملكه بالوضع بين يديه. وحيث قلنا يملك بالأخذ أو بالوضع في الفم، فهل له أن يبيحه لغيره أو يتصرف فيه بغير الاكل؟
وجهان، الصحيح قول الجمهور لا يجوز كما لا يعير المستعير، فالمراد أنه يملك أن ينتفع بنفسه كالعارية لا أنه ملك العين كما تو همه بعضهم، وفرع عليه جواز تصرفه فيه بالبيع وغيره، نعم النازل بأهل الذمة إذا شرط الإمام عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين، فإنهم إذا قدموا للضيف شيئا يملكه بلا خلاف وكان له أن يرتحل به كما ذكره الرافعي في كتاب الجزية. (وله) أي الضيف، (أخذ ما يعلم رضاه) أي المضيف (به) والمراد بالعلم ما يشمل الظن، لأن مدار الضيافة على طيب النفس، فإذا تحقق ولو بالقرينة رتب عليه مقتضاه. ويختلف ذلك باختلاف الأحوال وبمقدار المأخوذ وبحال المضيف وبالدعوة، فإن شك في وقوعه في محل المسامحة، فالصحيح في أصل الروضة التحريم، قال في الاحياء:
وإذا علم رضاه ينبغي له مراعاة النصفة مع الرفقة، فلا ينبغي أن يأخذ إلا ما يخصه أو يرضون به عن طوع لا عن حياء.
(ويحل نثر سكر) وهو رميه مفرقا، (وغيره) كدنانير ودراهم وجوز ولوز (في الاملاك) على المرأة للنكاح، وفي الختان، وكذا في سائر الولائم كما بحثه بعض المتأخرين عملا بالعرف. (ولا يكره) النثر (في الأصح) ولكن تركه أولى لأنه سبب إلى ما يشبه النهبة، وقد ورد في الصحيح النهي عنها، وقيل: يستحب لما فيه من البر، وقيل: يكره للدناءة في التقاطه بالانتهاب. (ويحل التقاطه) لأن مالكه إنما طرحه لمن يأخذه، (و) لكن (تركه أولى) كالنثر، هذا ما في الروضة، ولا يخالفه نص الشافعي. والجمهور على كراهة النثر والالتقاط إن حملت الكراهة على خلاف الأولى، نعم إن علم أن الناثر لا يؤثر بعضهم على بعض ولم يقدح الالتقاط في مروءة الملتقط لم يكن الترك أولى. ويكره أخذه من الهواء بإزار أو غيره، فإن أخذه منه أو التقطه أو بسط حجره له فوقع فيه ملكه، وإن لم يبسط حجره له لم يملكه لأنه لم