جمهور العراقيين كما قاله الزركشي. (وإنما تجب) الإجابة، (أو تسن) كما مر (بشرط) أي بشروط، منها: (أن لا يخص) بالدعوة (الأغنياء) لغناهم، لخبر: شر الطعام بل يعم عشيرته أو جيرانه أو أهل حرفته وإن كانوا كلهم أغنياء.
وليس المراد أن يعم جميع الناس لتعذره، بل لو كثرت عشيرته أو نحوها. أو خرجت الضبط، أو كان فقيرا لا يمكنه استيعابها، فالوجه كما قال الأذرعي عدم اشتراط عموم الدعوة، بل الشرط أن لا يظهر منه قصد التخصيص، قال بعض المتأخرين: ولو لغير الأغنياء، وليس بظاهر، بل لو خص بذلك الفقراء كان أولى. ومنها أن يكون الداعي مسلما، فلو كان كافرا لم تجب إجابته لانتفاء طلب المودة معه، ولأنه يستقذر طعامه لاحتمال نجاسته وفساد تصرفه، ولهذا لا يستحب إجابة الذمي كاستحباب إجابة المسلم فيما يستحب فيه إجابته، ويؤخذ من هذا أنه يستحب إجابة الذمي وإن كرهت مخالطته. ومنها أن يكون المدعو مسلما أيضا، فلو دعا مسلم كافرا لم تجب إجابته كما قاله الماوردي والروماني. (و) منها (أن يدعوه في اليوم الأول، فإن أولم ثلاثة) من الأيام أو أكثر، (لم تجب) إجابته (في) اليوم (الثاني) قطعا بل تسن فيه، (وتكره في الثالث) وفيما بعده، ففي سنن أبي داود وغيره أنه (ص) قال: الوليمة في اليوم الأول حق، وفي الثاني معروف، وفي الثالث، أي وفيما بعده رياء وسمعة. نعم لو لم يمكنه استيعاب الناس في اليوم الأول لكثرتهم أو صغر منزله أو غيرهما وجبت الإجابة، لأن ذلك في الحقيقة كما قال الأذرعي كوليمة واحدة دعي الناس إليها أفواجا في يوم واحد، ولو أولم في يوم واحد مرتين لغير عذر مما مر فالظاهر كما قال الزركشي أن الثانية كاليوم الثاني فلا تجب الإجابة. ومنها أن يكون الداعي مطلق التصرف، فلا تطلب إجابة المحجور عليه لصبا أو جنون أو سفه وإن أذن وليه، لأنه مأمور بحفظ ماله لا بإتلافه. نعم إن اتخذها الولي من ماله وهو أب أو جد فالظاهر كما قال الأذرعي وجوب الحضور. (و) منها (أن لا يحضره) أي يدعوه (لخوف) منه لو لم يحضره، (أو طمع في جاهه) أو إعانته على باطل، بل للتودد والتقرب، وكذا لا يقصد شئ كما اقتضاه كلامه ومنها أن يعين المدعو بنفسه أو نائبه، لا أن نادى في الناس، كأن قال لغيره: ادع من شئت، أو فتح الباب وقال: ليحضر من أراد، لأن الامتناع حينئذ لا يورث وحشة. ومنها أن لا يعتذر المدعو إلى الداعي ويرضى بتخلفه وإلا زال الوجوب. ومنها أن لا يسبق الداعي غيره، فلو دعاه اثنان أجاب السابق، فإن جاءا معا أجاب أقربهما رحما ثم داره. ومنها أن لا يدعوه من أكثر ماله حرام، فمن كان كذلك كرهت إجابته، فإن علم أن عين الطعام حرام حرمت إجابته وإلا فلا وتباح الإجابة، ولا تجب إذا كان في ماله شبهة، ولهذا قال الزركشي: لا تجب الإجابة في زماننا اه. ولكن لا بد أن يغلب على الظن أن في مال الداعي شبهة. ومنها أن لا يكون الداعي امرأة أجنبية وليس في موضع الدعوة محرم لها ولا للمدعو وإن لم يحل بها. ومنها أن يكون المدعو حرا، فلو دعا عبدا لزمه إن أذن له سيده، وكذا المكاتب إن لم يضر حضوره بكسبه، فإن ضر وأذن له سيده فوجهان، والأوجه عدم الوجوب، والمحجور في إجابة الدعوة كالرشيد. ومنها أن يدعوه في وقت الوليمة، وقد تقدم. ومنها أن لا يكون المدعو قاضيا، فإن كان لم تجب الإجابة كما بحثه بعض المتأخرين، وكذا كل ذي ولاية عامة. ومنها أن لا يكون معذورا بمرخص في ترك الجماعة كما قاله الروياني والماوردي. ومنها أن لا يكون الداعي ظالما أو فاسقا أو شريرا أو متكلفا طلبا للمباهاة والفخر، قاله في الاحياء. ومنها أن لا يتعين على المدعو حق كأداء شهادة وصلاة جنازة. (و) منها (أن لا يكون ثم) أي في موضع الدعوة (من يتأذى) المدعو (به.
أو لا يليق به مجالسته) كالأراذل، فإن كان فهو معذور في التخلف لما فيه من التأذي في الأول والغضاضة في الثاني، ولا أثر لعداوة بينه وبين الداعي، وأن لا يكون في الوليمة عدو له لا يتأذى به كما قاله الماوردي، وبحث الزركشي أن العداوة الظاهرة عذر.
(و) منها أن (لا) يوجد ثم (منكر) كخمر، أو ملاه محرمة، لحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار