مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٩٥
ثانيهما لها نصف المهر لأنها أحسنت بالاسلام والتخلف منه.
تنبيه: تقييده بالصحة يفهم أنه إذا قيل بفساد أنكحتهم لا مهر لها بطريق الأولى، إذ المهر لا يجب في النكاح الفاسد إلا بالدخول. قال الزركشي: وهذا أولى من جعله قيدا في عدم الوجوب، وأن الأولى طرحه ليفهم تعميم الحكم، وينتفي إيهام أنه قيد في الوجوب فإنه لا شئ لها على كل قول، ولكن يحتاج إلى ذكره في قوله: (أو) أي اندفع (بإسلامه) أي وصحح نكاحهم، (فنصف مسمى) يجب لها (إن كان صحيحا) لأن الفرقة جاءت من قبله، (وإلا) بأن لم يكن صحيحا كخمر (فنصف مهر مثل) عملا بالقاعدة في التسمية الفاسدة، فإن لم يسم لها مهرا وجبت متعة، أما إذا لم يصح نكاحهم فلا شئ لها لما مر. قال ابن شهبة: والظاهر أن المصنف أراد التقييد بالصحة هنا فسبق قلمه إلى ما قبله.
تنبيه: ظاهر كلامه أن المحرم في ذلك كغيرها وكلام الروضة يميل إليه ونقله عن القفال، وهو المعتمد كما رجحه ابن المقري فيمن أسلم وتحته أم وبنتها ولم يدخل بواحدة منهما، ورجحه البلقيني أيضا، وسيأتي التنبيه على ذلك، ونقل عن الإمام القطع بأنه لا شئ لها، لأن العقد لم ينعقد. ويؤيد ذلك ما قالوه في المجوسي إذا مات وتحته محرم لم نورثها. وجرى على الثاني الشيخ أبو حامد وأتباعه وغيرهم كما قاله الأذرعي. قال: والظاهر أنه المذهب اه‍. قيل: وهذا موافق لنص الشافعي من أن ما زاد على أربع لا مهر لهن إذا اندفع نكاحهن باختيار أربع قبل الدخول. قال شيخي: وهذا أحد النصوص، والمعتمد أن ما زاد على أربع يستحق المهر. (ولو ترافع إلينا) في نكاح أو غيره (ذمي) أو معاهد أو مستأمن (ومسلم، وجب الحكم) بينهما أي المسلم ومن ذكر بشرعنا قطعا طالبا كان المسلم أو مطلوبا، لأنه يجب رفع الظلم عن المسلم، والمسلم لا يمكن رفعه إلى حاكم أهل الذمة ولا تركهما متنازعين فرددنا من مع المسلم إلى حاكم المسلمين، لأن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه.
تنبيه: قد يفهم تعبيره بالترافع اعتبار رضا الخصمين وهو قضية كلام الغزالي، ولكن عامة كلام الأصحاب على اعتبار رضا واحد إذا استعدى على خصمه. (أو) ترافع إلينا (ذميان) واتفقت ملتهما كنصرانيين ولم نشترط في عقد الذمة لهما التزام أحكامنا، (وجب) علينا الحكم بينهما (في الأظهر) لقوله تعالى: * (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) *، ولأنه يجب على الإمام منع الظلم عن أهل الذمة فوجب الحكم بينهم كالمسلمين. والثاني وعليه جمع: لا يجب بل يتخير لقوله تعالى: * (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) *. وأجاب الأول بأنه صح عن ابن عباس أن هذه الآية منسوخة بالأولى، رواه الطبراني.
ومنهم من حمل الآية الأولى على الذميين والثانية على المعاهدين فلا يجب الحكم بينهما على المذهب. وهذا أولى من النسخ، ولهذا قيد المصنف بالذميين. والفرق أن المعاهدين لم يلتزموا أحكامنا ولم نلتزم دفع بعضهم عن بعض بخلاف الذميين والذمي والمعاهد كالذميين. وقد يفهم كلامه أنه إذا ثبت على أحدهما شئ استوفيناه، وبه صرح البغوي، فلو أقره ذمي بزنا أو سرقة مال ولو لذمي حددناه، أما إذا اختلفت ملتهما كيهودي ونصراني أو شرط في عقد الذمة لهما التزام أحكامنا فإن الحكم يجب بينهما جزما، أما في الأولى فلان كلا منهما لا يرضى ملة الآخر، وأما في الثانية فعملا بالشرط. وإن أوجبنا الحكم وجب الأعداء وللحضور وإلا فلا يجبان.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو ترافع إلينا أهل الذمة في شرب الخمر فإنهم لا يحدون وإن رضوا بحكمنا، لأنهم لا يعتقدون تحريمه، قاله الرافعي في باب حد الزنا وأسقطه من الروضة. ويفهم مما تقرر أنه لا يلزمنا الحكم بين حربيين ولا بين حربي ومعاهد، والظاهر كما قال الأذرعي لو عقدت الذمة لأهل بلدة في دار الحرب أنهم كالمعاهدين فإنه لا يلزمنا الدفع عنهم فكذا الحكم بينهم. ثم أشار المصنف إلى ضابط تقدم أكثر صوره بقوله: (ونقرهم) في كل ما ترافعوا فيه إلينا، (على ما نقر) هم عليه (لو أسلموا، ونبطل ما لا نقر) ونوجب النفقة في نكاح من قررناه، فلو نكح بلا ولي
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460