ثانيهما لها نصف المهر لأنها أحسنت بالاسلام والتخلف منه.
تنبيه: تقييده بالصحة يفهم أنه إذا قيل بفساد أنكحتهم لا مهر لها بطريق الأولى، إذ المهر لا يجب في النكاح الفاسد إلا بالدخول. قال الزركشي: وهذا أولى من جعله قيدا في عدم الوجوب، وأن الأولى طرحه ليفهم تعميم الحكم، وينتفي إيهام أنه قيد في الوجوب فإنه لا شئ لها على كل قول، ولكن يحتاج إلى ذكره في قوله: (أو) أي اندفع (بإسلامه) أي وصحح نكاحهم، (فنصف مسمى) يجب لها (إن كان صحيحا) لأن الفرقة جاءت من قبله، (وإلا) بأن لم يكن صحيحا كخمر (فنصف مهر مثل) عملا بالقاعدة في التسمية الفاسدة، فإن لم يسم لها مهرا وجبت متعة، أما إذا لم يصح نكاحهم فلا شئ لها لما مر. قال ابن شهبة: والظاهر أن المصنف أراد التقييد بالصحة هنا فسبق قلمه إلى ما قبله.
تنبيه: ظاهر كلامه أن المحرم في ذلك كغيرها وكلام الروضة يميل إليه ونقله عن القفال، وهو المعتمد كما رجحه ابن المقري فيمن أسلم وتحته أم وبنتها ولم يدخل بواحدة منهما، ورجحه البلقيني أيضا، وسيأتي التنبيه على ذلك، ونقل عن الإمام القطع بأنه لا شئ لها، لأن العقد لم ينعقد. ويؤيد ذلك ما قالوه في المجوسي إذا مات وتحته محرم لم نورثها. وجرى على الثاني الشيخ أبو حامد وأتباعه وغيرهم كما قاله الأذرعي. قال: والظاهر أنه المذهب اه. قيل: وهذا موافق لنص الشافعي من أن ما زاد على أربع لا مهر لهن إذا اندفع نكاحهن باختيار أربع قبل الدخول. قال شيخي: وهذا أحد النصوص، والمعتمد أن ما زاد على أربع يستحق المهر. (ولو ترافع إلينا) في نكاح أو غيره (ذمي) أو معاهد أو مستأمن (ومسلم، وجب الحكم) بينهما أي المسلم ومن ذكر بشرعنا قطعا طالبا كان المسلم أو مطلوبا، لأنه يجب رفع الظلم عن المسلم، والمسلم لا يمكن رفعه إلى حاكم أهل الذمة ولا تركهما متنازعين فرددنا من مع المسلم إلى حاكم المسلمين، لأن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه.
تنبيه: قد يفهم تعبيره بالترافع اعتبار رضا الخصمين وهو قضية كلام الغزالي، ولكن عامة كلام الأصحاب على اعتبار رضا واحد إذا استعدى على خصمه. (أو) ترافع إلينا (ذميان) واتفقت ملتهما كنصرانيين ولم نشترط في عقد الذمة لهما التزام أحكامنا، (وجب) علينا الحكم بينهما (في الأظهر) لقوله تعالى: * (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) *، ولأنه يجب على الإمام منع الظلم عن أهل الذمة فوجب الحكم بينهم كالمسلمين. والثاني وعليه جمع: لا يجب بل يتخير لقوله تعالى: * (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) *. وأجاب الأول بأنه صح عن ابن عباس أن هذه الآية منسوخة بالأولى، رواه الطبراني.
ومنهم من حمل الآية الأولى على الذميين والثانية على المعاهدين فلا يجب الحكم بينهما على المذهب. وهذا أولى من النسخ، ولهذا قيد المصنف بالذميين. والفرق أن المعاهدين لم يلتزموا أحكامنا ولم نلتزم دفع بعضهم عن بعض بخلاف الذميين والذمي والمعاهد كالذميين. وقد يفهم كلامه أنه إذا ثبت على أحدهما شئ استوفيناه، وبه صرح البغوي، فلو أقره ذمي بزنا أو سرقة مال ولو لذمي حددناه، أما إذا اختلفت ملتهما كيهودي ونصراني أو شرط في عقد الذمة لهما التزام أحكامنا فإن الحكم يجب بينهما جزما، أما في الأولى فلان كلا منهما لا يرضى ملة الآخر، وأما في الثانية فعملا بالشرط. وإن أوجبنا الحكم وجب الأعداء وللحضور وإلا فلا يجبان.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو ترافع إلينا أهل الذمة في شرب الخمر فإنهم لا يحدون وإن رضوا بحكمنا، لأنهم لا يعتقدون تحريمه، قاله الرافعي في باب حد الزنا وأسقطه من الروضة. ويفهم مما تقرر أنه لا يلزمنا الحكم بين حربيين ولا بين حربي ومعاهد، والظاهر كما قال الأذرعي لو عقدت الذمة لأهل بلدة في دار الحرب أنهم كالمعاهدين فإنه لا يلزمنا الدفع عنهم فكذا الحكم بينهم. ثم أشار المصنف إلى ضابط تقدم أكثر صوره بقوله: (ونقرهم) في كل ما ترافعوا فيه إلينا، (على ما نقر) هم عليه (لو أسلموا، ونبطل ما لا نقر) ونوجب النفقة في نكاح من قررناه، فلو نكح بلا ولي