مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٨٠
أم زوجته، وإن كانت البنت فلا تحرم أبدا، لأنها ربيبة امرأة لم يدخل بها إلا إن كان قد وطئ الأم، لأنها حينئذ بنت موطوءته. ثم شرع في القسم الثاني، وهو ما لا يتأبد تحريمه، وهي ثلاثة أنواع، وقد بدأ بالأول منها. فقال:
(ويحرم) ابتداء دواما (جمع) امرأتين بينهما قرابة أو رضاع، لو فرضت إحداهما ذكرا حرم تناكحهما، كجمع (المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها من رضاع أو نسب) ولو بواسطة، لقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين) *، ولخبر:
لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى رواه الترمذي وغيره وصححوه، ولما فيه من قطعية الرحم. وإن رضيت بذلك فإن الطبع يتغير، وإليه أشار (ص) في خبر النهي عن ذلك بقوله: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن كما رواه ابن حبان وغيره. (فإن) خالف (جمع) بين من يحرم الجمع بينهما كأختين (بعقد بطل) نكاحهما إذ لا أولوية لإحداهما عن الأخرى، (أو مرتبا ف‍) - الأول صحيح، (والثاني) باطل، لأن الجمع حصل به، هذا إذا علم عين السابق، فإن لم يعلم بطلا، وإن علم ثم اشتبه وجب التوقف كما في نكاح الوليين من اثنين، فإن وطئ الثانية جاهلا بالحكم استحب أن لا يطأ الأولى حتى تنقضي عدة الموطوءة، وخرج بالرضاع والنسب الجمع بالمصاهرة، فجمع المرأة وأم زوجها أو بنته من أخرى لا يحرم، لأن حرمة الجمع بينهما وإن حصلت بفرض أم الزوج ذكرا في الأولى وبفرض بنته ذكرا في الثانية لكن ليس بينهما قرابة ولا رضاع بل مصاهرة، وليس فيها رحم يحذر قطعها. قال الرافعي: وقد يستغنى عن قيد القرابة والرضاع بأن يقال: يحرم الجمع بين كل امرأتين أيتهما قدرت ذكرا حرمت عليه الأخرى، فإن أم الزوج وإن حرمت عليها زوجة الابن لو قدرت ذكرا لكن زوجة الابن لو قدرت ذكرا لم تحرم عليه الأخرى بل تكون أجنبية عنه اه‍. فإن قيل: يرد على هذا السيدة وأمتها لصدق الضابط بهما مع جواز الجمع بينهما لعبد، وكذا الحر إذا تزوج أمة بشروطه ثم نكح حرة عليها. أجيب بأن المتبادر بقرينة المقام من التحريم المؤبد المقتضي لمنع النكاح فتخرج هذه، لأن التحريم فيها قد يزول. وبأن السيدة لو فرضت ذكرا حل له وطئ أمته بالملك، وإن لم يحل له نكاحها. ويجوز الجمع بين بنت الرجل وربيبته وبين المرأة وربيبة زوجها من امرأة أخرى وبين أخت الرجل من أمه وأخته من أبيه إذ لا تحرم المناكحة بتقدير ذكورة إحداهما، ولو اشترى زوجته الأمة جاز له أن يتزوج أختها وأربعا سواها، لأن ذلك الفراش قد انقطع. (ومن حرم جمعهما بنكاح، حرم) جمعهما أيضا (في الوطئ بملك) أو ملك ونكاح وإن لم يعلم من كلامه، لأنه إذا حرم العقد فلان يحرم الوطئ أولى لأنه أقوى (لا ملكهما) أي الجمع بينهما في الملك كشراء أختين وامرأة وخالتها فإنه جائز بالاجماع، ولأنه لا يتعين للوطئ، ولهذا يجوز أن يشتري أخته ونحوها بخلاف النكاح. (فإن وطئ) طائعا أو مكرها (واحدة) منهما ولو في الدبر أو مكرهة أو جاهلة، (حرمت الأخرى حتى يحرم الأولى) بمحرم، (كبيع) وعتق لكلها أو بعضها، (أو نكاح) أي تزويجها، (أو كتابة) صحيحة، لئلا يحصل الجمع المنهي عنه، فإن وطئ الثانية قبل تحريم الأولى أثم ولم تحرم الأولى إذ الحرام لا يحرم الحلال، لكن يستحب أن لا يطأ الأولى حتى يستبرئ الثانية لئلا يجمع الماء في رحم أختين (لا حيض وإحرام) وردة، فإنها لا تزيل الملك ولا الاستحقاق. (وكذا رهن) مقبوض (في الأصح) لأنه يملك الوطئ بإذن المرتهن. والثاني: يكفي الرهن كالتزويج. فإن لم يكن قبض لم تحل الثانية جزما. فلو عاد الحل برد المبيعة وطلاق المنكوحة وعجز المكاتبة فإن لم يطأ الثانية بعد فله الآن وطئ من شاء منهما. وإن كان قد وطئها لم يطأ العائد حتى تحرم الأخرى، لأن الثانية في هذه الحالة كالأولى.
تنبيه: يشترط أن تكون كل منهما مباحة على انفرادها، فلو كانت إحداهما مجوسية أو نحوها كمحرم فوطئها جاز له وطئ الأخرى. نعم لو ملك أما وبنتها فوطئ إحداهما حرمت الأخرى مؤبدا كما علم مما مر. ولو باع الموطوءة بشرط
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460