لفظ الطلاق وأراد معناه وهو لا يعرفه. قال: وصورته أن لا يعرفها إلا بعد إتيانه بها، فلو أخبره بمعناه قبل صح إن لم يطل الفصل. (لا بكناية) كأحللتك ابنتي لا يصح بها النكاح، إذ لا اطلاع للشهود على النية. وقوله: (قطعا) من زيادته على المحرر، قال السبكي: وهي زيادة صحيحة. فاعترضه الزركشي بأن في المطلب حكاية خلاف فيه، والمراد الكناية بالصيغة، أما في المعقود عليه فيصح، فإنه لو قال: زوجتك ابنتي فقبل ونويا معينة صح النكاح كما مر مع أن الشهود لا اطلاع لهم على النية، فالكناية معتبرة في ذلك. ولا ينعقد بكتابة في غيبة أو حضور لأنها كناية، فلو قال لغائب: زوجتك ابنتي، أو قال: زوجتها من فلان ثم كتب فبلغه الكتاب، أي الخبر، فقال: قبلت لم يصح وينعقد بإشارة الأخرس التي لا يختص بها فطنون، أما ما يختص بها الفطنون فإنه لا ينعقد بها لأنها كناية، وفي المجموع في كتاب البيع أنه ينعقد نكاح الأخرس بالكتابة بلا خلاف. فإن قيل الكتابة كناية هنا كما مر، وفي الطلاق على الصحيح عند المصنف، فكيف ينعقد نكاحه عنده بلا خلاف؟ أجيب بأنه إنما اعتبر الكتابة في صحة ولايته لا في تزويجه، ولا ريب أنه إذا كان كاتبا تكون الولاية له، فيوكل من يزوجه أو يزوج موليته، والسائل نظر إلى من يزوجه لا إلى ولايته، ولا ريب أنه لا يزوج بها. (ولو قال) الولي: (زوجتك) الخ (فقال) الزوج (قبلت) واقتصر عليه، (لم ينعقد) هذا النكاح (على المذهب) لأنه لم يوجد منه التصريح بواحد من لفظي النكاح والتزويج ونيته لا تفيد.
وفي قول ينعقد بذلك لأنه ينصرف إلى ما أوجبه الولي فإنه كالمعاد لفظا كما هو الأصح في نظيره من البيع، وفرق الأول بأن القبول وإن انصرف إلى ما أوجل البائع إلا أنه من قبيل الكنايات، والنكاح لا ينعقد بها بخلاف البيع. وقيل بالمنع قطعا، وقيل بالصحة قطعا. (ولو قال) الخاطب للولي: (زوجني) بنتك الخ، (فقال) الولي له: (زوجتك) الخ (أو قال الولي) للخاطب: (تزوجها) أي بنتي الخ، (فقال) الخاطب: (تزوجت) الخ: (صح) النكاح في المسألتين وإن لم يقبل الزوج بعد ذلك لوجود الاستدعاء الجازم، ولما في الصحيحين: أن الاعرابي الذي خطب الواهبة نفسها للنبي (ص)، قال له: زوجنيها فقال: زوجتكها بما معك من القرآن. ولم ينقل أنه قال بعد ذلك: قبلت نكاحها. وخرج بذلك ما لو قال الخاطب: زوجني ابنتك أو تزوجنيها أو قال الولي: أتتزوج ابنتي فإنه لا يصح لأنه استفهام، وتقدم نظيره في البيع.
فرع: لو قال الخاطب للولي: زوجت نفسي ابنتك وقبل الولي، ففي انعقاده بهذا خلاف مبني على أن كل واحد من الزوجين معقود عليه لأن بقاءهما شرط لبقاء العقد كالعوضين في البيع أو المعقود عليه المرأة فقط، لأن العوض من جهة الزوج المهر لا نفسه. ولأنه لا حجر عليه في نكاح غيرها معها. والصحيح أن الزوج ليس معقودا عليه كما نقله الرافعي عن الأكثرين في باب الطلاق في الكلام على قوله أنا منك طالق، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في أول كتاب النكاح، فعليه لا ينعقد النكاح بذلك لأنه جعل نفسه معقودا عليه، ولان زوجت إنما يليق بالولي لا بالزوج. (و) يشترط كون النكاح منجزا، وحينئذ (لا يصح تعليقه) ك إذا طلعت الشمس فقد زوجتك بنتي كما في البيع ونحوه من باقي المعاوضات، بل أولى لمزيد اختصاصه بالاحتياط. ولو قال: زوجتك إن شاء الله وقصد التعليق أو أطلق لم يصح، وإن قصد التبرك أو أن كل شئ بمشيئة الله تعالى صح كما مر نظير ذلك في الوضوء. (ولو بشر) شخص (بولد فقال) لآخر: (إن كانت أنثى فقد زوجتكها) الخ، فقبل، (أو قال) له: (إن كانت بنتي طلقت) أو مات زوجها، وزاد على المحرر قوله: (واعتدت فقد زوجتكها) وكانت أذنت لأبيها في تزويجها، أو قال: إن ورثت هذه الجارية فقد زوجتكها، (فالمذهب بطلانه) أي النكاح في الصور المذكورة، ولو كان الواقع في نفس الامر كذلك، لوجود صورة التعليق