مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٣٤
من التمكين.
تنبيه: هذا كله إذا لم يخف فتنة، فإن خافها لم ينظر إلا إن تعين عليه فينظر ويضبط نفسه، وسيأتي إن شاء الله تعالى ذلك في كتاب الشهادات. وقوله: (وتعليم) مزيد على الروضة وأصلها بل على غالب كتب المذهب. قال السبكي: كشفت عن هذه المسألة كتب المذهب، وعد منها اثني عشر مصنفا فلم أجدها. وإنما يظهر فيما يجب تعلمه وتعليمه كالفاتحة وما يتعين تعليمه من الصنائع المحتاج إليها بشرط التعذر من وراء حجاب، وأما غير ذلك فكلامهم يقتضي المنع، ومنهم المصنف حيث قال في الصداق: ولو أصدقها تعليم قرآن وطلق قبله فالأصح تعذر تعليمه اه‍. وقال الشارح: وهو، أي التعليم للأمرد خاصة لما سيأتي اه‍. ويشير بذلك إلى مسألة الصداق. والمعتمد أنه يجوز النظر للتعليم للأمرد وغيره، واجبا كان أو مندوبا، وإنما منع من تعليم الزوجة لأن كلا من الزوجين تعلقت آماله بالآخر، فصار لكل منهما طمعة في الآخر، فمنع عن ذلك. (ونحوها) أي المذكورات، كجارية يريد الرجل شراءها أو عبد تريد المرأة شراءه، وكالحاكم يحلف المرأة ويحكم عليها كما قاله الجرجاني. قال الأذرعي: وقياسه جوازه عند الحكم لها اه‍. وهو ظاهر، وإنما ينظر في جميع ما تقدم (بقدر الحاجة، والله أعلم) لأن ما جاز للضرورة يقدر بقدرها، فينظر في المعاملة إلى الوجه فقط كما جزم به الماوردي وغيره، وفيما إذا اشترى جارية أو اشترت عبدا ما عدا ما بين السرة والركبة. قال الماوردي: ولا يزاد على النظرة الواحدة إلا إن يحتاج إلى ثانية للتحقق فيجوز. وقضية هذا أنه إذا عرفها بالنظر إلى بعض وجهها لم يكن له أن يستوعب جميع وجهها، وهو ما قاله الماوردي وغيره، وإن قال في البحر أنه يستوعبه.
تنبيه: كل ما حرم نظره متصلا حرم نظره منفصلا. كشعر عانة ولو من رجل، وقلامة ظفر حرة ولو من يديها. وتجب مواراته على ما اقتضاه كلام القاضي لئلا ينظر إليه أحد، واستبعد الأذرعي الوجوب، قال: والاجماع الفعلي في الحمامات على طرح ما تناثر من امتشاط شعور النساء، وحلق عانات الرجال اه‍، وليس في كلام الشيخين ما يدل على الوجوب، فالأوجه ما قاله الأذرعي. وأما إذا أبين شعر من رأس أمة أو شئ من ظفرها فهو مبني على حل نظره قبل انفصاله، وقد تقدم الخلاف في ذلك. (وللزوج النظر إلى كل بدنها) أي زوجته في حال حياتها كعكسه، ولو إلى الفرج ظاهرا وباطنا لأنه محل تمتعه، ولكن يكره لكل منهما نظر الفرج من الآخر، ومن نفسه بلا حاجة، وإلى باطنه أشد كراهة. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما رأيت منه ولا أرى مني، أي الفرج. وأما خبر: النظر إلى الفرج يورث الطمس أي العمى كما ورد كذلك، فرواه ابن حبان وغيره في الضعفاء، بل ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وخالفه ابن الصلاح وحسن إسناده وقال: أخطأ من ذكره في الموضوعات. ومع ذلك هو محمول على الكراهة كما قاله الرافعي. وخص الفارقي الخلاف بغير حالة الجماع، وجرى عليه الزركشي والدميري، وهو ممنوع، فإن الحديث المذكور مصرح بحالة الجماع واختلفوا في قوله: يورث العمى، فقيل: في الناظر، وقيل: في الولد، وقيل في القلب. وشمل كلامهم الدبر، وقول الإمام، والتلذذ بالدبر بلا إيلاج جائز صريح فيه، وهو المعتمد كما مرت الإشارة إليه وإن خالف في ذلك الدارمي وقال بحرمة النظر إليه. ويستثنى زوجته المعتدة عن وطئ الغير بشبهة، فإنه يحرم عليه نظر ما بين السرة والركبة ويحل ما سواه على الصحيح. قال السبكي: والخلاف الذي في النظر إلى الفرج لا يجري في مسه لانتفاء العلة، هذا هو الظاهر وإن لم يصرحوا به. وقال: سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن مس الرجل فرج زوجته وعكسه، فقال: لا بأس به، وأرجو أن يعظم أجرهما. قال الزركشي: ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة زوجها إذا منعها منه، بخلاف العكس لأنه يملك التمتع بها بخلاف العكس اه‍. وهذا ظاهر وإن توقف فيه بعض المتأخرين. أما نظر كل منهما إلى الآخر بعد الموت فهو كالمحرم كما في المجموع، وقد مرت الإشارة إليه في كتاب الجنائز. والأمة كالزوجة في النظر، فلكل منهما ومن سيدها أن ينظر إلى الآخر ولو إلى الفرج مع الكراهة لا المحرمة عليه بكتابة وتزويج
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460