(وابن السبيل) أي الطريق، (منشئ سفر) مباح من محل الزكاة، سواء أكان بلده أو مقيما فيه، (أو مجتاز) به في سفره، واحدا كان أو أكثر ذكرا أو غيره، سمي بذلك لملازمته السبيل وهي الطريق. وإنما أفرده المصنف مع أنه يصدق على ما ذكر تأسيا بالكتاب العزيز فإنه لم يرد فيه إلا منفردا، وهو حقيقة في المجتاز مجاز في المنشئ. وإعطاء الثاني بالاجماع، والأول بالقياس عليه، ولان مريد السفر محتاج إلى أسبابه. وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالك رضي الله تعالى عنهما. (وشرطه) في الاعطاء لا في التسمية (الحاجة) بأن لا يجد ما يكفيه غير الصدقة وإن كان له مال في مكان آخر أو كان كسوبا أو كان سفره لنزهة، (وعدم المعصية) بسفره، سواء أكان طاعة كسفر حج وزيارة أو مباحا كسفر تجارة أو مكروها كسفر منفرد، لعموم الآية، بخلاف سفر المعصية لا يعطى فيه قبل التوبة. وألحق به الإمام السفر لا لقصد صحيح كسفر البهائم. ولو كان له مال غائب ووجد من يقرضه نقفي المجموع عن ابن كج أنه يعطى، وأقره، وهو المعتمد، وقيل: لم يعطى كما نص عليه في البويطي، ورد بأن النص ليس في الزكاة وإنما هو في الفئ. (وشرط آخذ الزكاة) أي من يدفع إليه منها (من هذه الأصناف الثمانية الاسلام) فلا تدفع لكافر بالاجماع فيما عدا زكاة الفطر، وباتفاق أكثر الأئمة فيها، ولعموم قوله (ص):
تؤخذ الصدقة من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم رواه الشيخان. نعم الكيال والوزان والحافظ والحمال ويجوز كونهم كفارا مستأجرين من سهم العامل، لأن ذلك أجرة لا زكاة. ولا يجوز أن يكون الكافر عاملا في الزكاة لأنا إن قلنا صدقة فلا حق له في الصدقة المفروضة، وإن قلنا أجرة فلا ينصب فيها لعدم أمانته كما يجوز أن يستعمل على مال يتيم أو وقف. (و) شرط آخذ الزكاة أيضا (أن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا) ولو انقطع عنهم خمس الخمس، لخلو بيت المال من الفئ والغنيمة، أو لاستيلاء الظلمة عليهما. وكذا يحرم عليهما الاخذ من المال المنذور صدقة كما اعتمده شيخي لعموم قوله (ص): إن هذه الصدقات لا تحل لمحمد ولا لآل محمد رواه مسلم، وقال: لا أحل لكم أهل البيت من الصدقات شيئا ولا غسالة الأيدي، إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم أي بل يغنيكم، رواه الطبراني.
نعم لو استعملهم الإمام في الحفظ أو النقل فله أجرته كما في المجموع عن صاحب البيان وجزم به ابن الصباغ وغيره. فإن قيل: هذا إما ضعيف أو مبني على أن يعطاه العامل أجرة لا زكاة، والصحيح كما قال ابن الرفعة أنه زكاة. أجيب بأن محل ذلك إذا استؤجروا للنقل ونحوه كما في العبد والكافر يعملان فيهما بالأجرة. (وكذا مولاهم) أي عتقاء بني هاشم وبني المطلب لا يحل لهم أخذ الزكاة (في الأصح) لخبر: مولى القوم منهم رواه الترمذي وغيره وصححوه. والثاني:
يحل لهم أخذها، لأن المنع للشرف في ذوي القربى وهو مفقود في مولاهم. وجرى على هذا في التنبيه وقال: إن الأول ليس بشئ، وهو قوي بدليل عدم كفاءتهم لمولاهم في النكاح وعدم استحقاقهم خمس الخمس. وادعى القاضي حسين أن المذهب أن مولاهم لا يلحق بهم، ومع هذا فالمشهور في المذهب هو الأول.
تنبيه: كلام المصنف يوهم حصر الشروط فيما ذكره وليس مرادا، فمنها الحرية فيما عدا المكاتب فلا يجوز دفع الزكاة إلى مبعض ولو في نوبة نفسه خلافا لابن القطان. ومنها أن يكون من بلد الزكاة على ما سيأتي على نقل الزكاة ومنها أن لا يكون ممن تلزمه نفقته، نعم تستثنى الزوجة إن كانت غارمة كما ذكره صاحب الخصال. ولو كان لشخص أب قوي صحيح فقير لا يجب عليه نفقته هل يجوز أن يدفع إليه من زكاته من سهم الفقراء أو لا؟ أفتى ابن يونس عماد الدين بالثاني وأخوه كمال الدين بالأول. قال ابن شهبة: وهو ظاهر، إذ لا وجه للمنع. وأفتى المصنف فيمن بلغ تارك الصلاة كسلا واستمر على ذلك أنه لا يجوز دفع الزكاة له بل يقبضها له وليه لسفهه، وإن بلغ مصليا رشيدا ثم طرأ ترك الصلاة ولم يحجر عليه جاز دفعها له وصح قبضه بنفسه. وأفتى ابن البرزي بجواز دفعها إلى فاسق إلا أن يكون المدفوع إليه يعنيه على المعصية فيحرم إعطاؤه. وقال المروزي: لا يجوز قبض الزكاة من أعمى ولا دفعها له بل يوكل فيها، لأن التمليك شرط فيه. قال ابن الصلاح. وفساد هذا ظاهر وعمل الناس على خلافه، وهو كما قال. ويؤيد الجواز ما