يستحق السلب، أما إذا تحيزوا لقتال أو فئة فحكم القتال باق في حقهم كما قاله الإمام.
تنبيه: قوله: من الصف، عبارة المحرر: من وراء الصف، وكذا كتبها المصنف بخطه في المنهاج، ثم ضرب على لفظة وراء، والصورتان في الشرحين والروضة، فأتى المنهاج بما ليس في أصله لكونه يفهم منه ما في أصله بطريق الأولى.
قال السبكي: وهو حسن لمن لا يلتزم في الاختصار الاتيان بمعنى الأصل من غير تغيير، وإلا لم يجز. وقوله: انهزم الكفار يفهم أن انهزام الكافر الواحد لا يعتبر، حتى لو هرب فقتله في إدباره والحرب قائمة استحق سلبه، وهو كذلك. (وكفاية شره أن يزيل امتناعه بأن يفقأ عينيه أو يقطع يديه ورجليه) فإنه (ص) أعطى سلب أبي جهل لمثخنه كما مر دون قاتله، فدل على أن المناط كفاية شره.
تنبيه: عبارة المحرر: أن يقتله أو يزيل امتناعه، فاقتصر المصنف على الثاني لفهم الأول من باب أولى. وعبارة الروضة: بأن يعميه، وهي صادقة بأن يضرب رأسه فيذهب ضوء عينيه، وبمن له عين واحدة فيقلعها، فهي أحسن لشمولها ما ذكر. (وكذا لو أسره أو قطع يديه أو رجليه في الأظهر) وإن من عليه الإمام أو فداه أو أرقه. أما في الأسر فلانه أبلغ من القطع، وأما في القطع فكما لو فقأ عينيه. والثاني: لا، واختاره السبكي وقال: إنه لا يستحق السلب إلا بالقتل لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: من قتل قتيلا فله سلبه ولان ذلك لا يزيل الامتناع فربما أعمى شر من البصير ومقطوع اليدين والرجلين يحتال على الاخذ بثأر نفسه. ويجري الخلاف فيما لو قطع يدا ورجلا لضعف حركته، بخلاف ما لو قطع طرفا وفقأ عينا فإنه لا يستحق. ولو مسكه شخص بحيث منعه الهرب ولم يضبطه فقتله آخر أو اشترك اثنان في قتله أو إثخانه اشتركا في سلبه لاندفاع شره بهما، وهذا بخلاف القصاص فإنه منوط بالقتل. نعم إن كان أحدهما لا يستحق السلب كمخذل رد نصيبه إلى الغنيمة، قاله الدارمي. أما إذا ضبطه فهو أسير، وقتل الأسير لا يستحق به السلب كما مر. والجارح إن أثخن جريحه فالسلب له، فإن لم يثخنه فدفعه آخر فالسلب له لأنه الذي ركب الغرر في دفع شره ولا حق للآسر في رقبة أسيره ولا فدائه، فلو أرقه الإمام أو فداه فالرقبة والفداء للمسلمين لا حق فيهما لآسره لأن اسم السلب لا يقع عليهما. (ولا يخمس السلب على المشهور) لخبر أبي داود وغيره أنه (ص) قضى به للقاتل ولم يخمسه.
والثاني: يخمس لاطلاق الآية، فيدفع خمسه لأهل الفئ والباقي للقاتل. (وبعد السلب تخرج) بمثناة فوقية أوله بخطه، (مؤنة الحفظ والنقل وغيرهما) من المؤن اللازمة، كأجرة حمال وراع إن لم يوجد متطوع بذلك للحاجة إليها. قال الماوردي:
ولا يزيد على أجرة المثل لأنه في المسلمين كالولي في مال اليتيم. (ثم يخمس الباقي) بعد السلب والمؤن خمسة أخماس متساوية، ويؤخذ خمس رقاع ويكتب على واحدة: لله تعالى أو للمصالح وعلى أربع: للغانمين، ثم تدرج في بنادق متساوية ويخرج لكل خمس رقعة. فما خرج لله تعالى أو للمصالح جعل بين أهل الخمس على خمسة كما قال: (فخمسه) أي المال الباقي (لأهل خمس الفئ يقسم) بينهم (كما سبق) في قسم الفئ.
تنبيه: يقسم ما للغانمين قبل قسمة هذا الخمس لأنهم حاضرون ومحصورون لكن بعد إفرازه بقرعة، خلافا لما يوهمه كلام المصنف من أن أهل الخمس يفوزون بسهامهم قبل قسمة الأخماس الأربعة، ولا فرق في ذلك بين العقار والمنقول لعموم الآية. ويستحب أن تكون هذه القسمة في دار الحرب كما فعل النبي (ص)، وتأخيرها بلا عذر إلى العود إلى دار الاسلام مكروه، وذكر الماوردي والبغوي أنه يجب التعجيل، ولا يجوز التأخير من غير عذر لما فيه من الاضرار بالغانمين، وقال الأذرعي: إنه ظاهر لا شك فيه إذا طلبها الغانمون بلسان القال أو الحال. ولو شرط الإمام للجيش أن لا يخمس عليهم لم يصح شروطه ووجب تخميس ما غنموه سواه أشرط ذلك للضرورة أم لا، وقيل: إن شرطه لضرورة