أقرب اه. بل الأقرب إلى كلامهم الأول. قال الطبري: ولم يذكروا في الرمي حدا معلوما، غير أن كل جمرة عليها علم فينبغي أن يرمي تحته على الأرض، ولا يبعد عنه احتياطا. وقد قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه: الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى، فمن أصاب مجتمعه أجزأه، ومن أصاب سائله لم يجزه. وحده بعض المتأخرين فقال: موضع الرمي ثلاثة أذراع من سائر الجوانب إلا في جمرة العقبة، فليس لها إلا وجه واحد، ورمي كثيرين من أعلاها باطل اه.
وهو قريب مما تقدم. (والسنة) في رمي يوم النحر وغيره، (أن يرمي) الجمرة لا بحجر كبير ولا صغير جدا بل (بقدر حصى الخذف) وهو دون الأنملة طولا وعرضا في قدر الباقلاء، فلو رمى بأكبر منه أو بأصغر كره وأجزأه. وهيئة الخذف كما قال الرافعي أن يضع الحجر على بطن الابهام ويرميه برأس السبابة، والأصح كما في الروضة والمجموع وغيرهما أنه يرميه على غير هيئة حصى الخذف. ويسن أن يرفع الذكر يده بالرمي حتى يرى بياض إبطه بخلاف المرأة والخنثى، وأن يكون الرمي باليد اليمنى، وأن يستقبل القبلة في رمي التشريق، وأن يرمي راجلا لا راكبا إلا في يوم النفر فالسنة أن يرمي راكبا لينفر عقبه، وأن يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي كما مر في رمي يوم النحر، وأن يرمي الجمرتين الأوليين من علو، وأن يدنو من الجمرة في رمي أيام التشريق بحيث لا يبلغه حصى الرامين، فيقف مستقبل القبلة ويدعو ويذكر الله تعالى ويهلل ويسبح بعد رمي الجمرة الأولى بقدر قراءة سورة البقرة، وكذا بعد رمي الثانية لا الثالثة، بل يمضي بعد رميها للاتباع في ذلك، رواه البخاري، إلا بقدر سورة البقرة فرواه البيهقي من فعل ابن عمر. (ولا يشترط بقاء الحجر في المرمى) فلا يضر تدحرجه بعد الوقوع فيه لحصول اسم الرمي. (ولا كون الرامي خارجا عن الجمرة) فلو وقف بعضها ورمى إلى الجانب الآخر منها صح لما مر من حصول اسم الرمي، ولو رمى الحجر فأصاب شيئا كأرض أو مجمل فارتد إليه المرمي لا بحركة ما أصابه أجزأه لحصوله في المرمى بفعله لا بمعاونة، بخلاف ما لو ارتد بحركة ما أصابه. ولو ردت الريح الحصاة إلى المرمى أو تدحرجت إليه من الأرض لم يضر إلا أن تدحرجت من ظهر بعير أو نحوه كعنقه ومحمل فلا يكفي.
ويشترط إصابة المرمى يقينا فلو شك فيها لم يكف، لأن الأصل عدم الوقوع فيه وبقاء الرمي عليه. وصرف الرمي بالنية لغير النسك كأن رمى إلى شخص أو دابة في الجمرة كصرف الطواف بها إلى غيره فينصرف لغيره، وإن بحث في المهمات إلحاق الرمي بالوقوف لأنه مما يتقرب به، وحده كرمي العدو فأشبه الطواف بخلاف الوقوف. وأما السعي فالظاهر كما قال شيخنا أخذا من ذلك أنه كالوقوف. (ومن عجز عن الرمي) لعلة لا يرجى زوالها قبل فوت وقت الرمي كمرض أو حبس، (استناب) من يرمي عنه وجوبا، كما قال الأسنوي: إنه المتجه ولو بأجرة حلالا كان النائب أو محرما، لأن الاستنابة جائزة في النسك، فكذلك في أبعاضه، فليس المراد العجز الذي ينتهي إلى اليأس، كما في استنابة الحج. ولا فرق في الحبس بين أن يكون بحق أم لا كما قاله في المجموع، خلافا لابن الرفعة في الحبس بحق. قال الأسنوي: وصورة المحبوس بحق أن يجب عليه قود لصغير، فإنه يحبس حتى يبلغ وما أشبه هذه الصورة. وأما إذا حبس بدين مقدر عليه فليس بعاجز عن الرمي، ويمكن حمل كلام ابن الرفعة على هذه الصورة. ويشترط في النائب أن يكون رمي عن نفسه أولا، فلو لم يرم وقع عن نفسه كأصل الحج. ويندب أن يناول النائب الحصى ويكبر إن أمكن وإلا تناولها النائب وكبر بنفسه، ولا ينعزل النائب بإغماء المستنيب كما لا ينعزل عنه وعن الحج بموته، لأن الاغماء زيادة في العجز المبيح للإنابة فلا يكون مفسدا لها، وفارق سائر الوكالات بوجوب الاذن هنا، فلو نوى في وقت بعد الرمي لم تلزمه الإعادة لكنها تسن. أما إغماء النائب فظاهر كلامهم أنه ينعزل به، وهو القياس. وما ذكر في هذا الفصل من شروط الرمي ومستحباته يأتي في رمي يوم النحر. (وإذا ترك رمي يوم) أو يومين من أيام التشريق عمدا أو سهوا أو جهلا، (تداركه في باقي الأيام) منها (في الأظهر) بالنص في الرعاء وأهل السقاية، وبالقياس في غيرهم، إذ لو كانت بقية الأيام غير صالحة للرمي لم يفترق الحال فيها بين المعذور وغيره كما في الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة. وكذا يتدارك رمي يوم النحر في باقي الأيام إذا تركه،