دم للفوات ودم لأجل القران، وفي القضاء دم ثالث. ولو ارتد في أثناء نسكه فسد إحرامه فيفسد نسكه كصومه وصلاته فلا كفارة عليه ولا يمضي فيه وإن أسلم، لعدم ورود شئ فيهما، بخلاف الجماع فإنه وإن أفسد به نسكه لم يفسد به إحرامه حتى يلزمه المضي في فاسده كما مر. (الخامس) من المحرمات: (اصطياد كل) صيد (مأكول بري) وحشي كبقر وحش ودجاجة وحمامة. (قلت: وكذا المتولد منه) أي المأكول البري الوحشي، (ومن غيره) كمتولد بين حمار وحشي وحمار أهلي أو بين شاة وظبي (والله أعلم). أما الأول فلقوله تعالى: * (وحرم عليكم صيد البر) * أي أخذه * (ما دمتم حرما) *. وأما الثاني فللاحتياط. وإنما لم تجب الزكاة في المتولد بين زكوي وغيره لأنها من باب المواساة. وخرج بما ذكر: ما تولد بين وحشي غير مأكول وإنسي مأكول، كالمتولد بين ذئب وشاة، وما تولد بين غير مأكولين أحدهما وحشي كالمتولد بين حمار وذئب، وما تولد بين أهليين أحدهما غير مأكول كالبغل، فلا يحرم التعرض لشئ منها. (و) حينئذ (يحرم ذلك) أي اصطياد المأكول البري والمتولد منه ومن غيره، (في الحرم على الحلال) بالاجماع كما قاله في المجموع ولو كان كافرا ملتزم الأحكام، ولخبر الصحيحين: أنه (ص) يوم فتح مكة قال: إن هذا البلد حرام بحرمة الله لا يعضد شجره ولا ينفر صيده رواه الشيخان، أي لا يجوز تنفير صيده لمحرم ولا حلال، فغير التنفير أولى. وقيس بمكة باقي الحرم. (فإن أتلف) من حرم عليه ما ذكر (صيدا) مما ذكر مملوكا أو غير مملوك، (ضمنه) بما يأتي، لقوله تعالى: * (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا) * الآية. وقيس بالمحرم الحلال في الحرم الآتي ذكره بجامع حرمة التعرض، فيضمن سائر أجزائه كشعر وريش بالقيمة وكذا لبنه، ويضمن أيضا ما تلف في يده ولو وديعة كالغاصب لحرمة إمساكه، بخلاف ما لو أدخل الحلال معه إلى الحرم صيدا مملوكا له لا يضمنه بل له إمساكه فيه وذبحه والتصرف فيه كيف شاء لأنه صيد حل. ولو دل المحرم آخر على صيد ليس في يده فقتله لم يضمنه لأنه لم يلتزم حفظه، أو في يده والقاتل حلال ضمن المحرم لأنه ترك حفظه وهو واجب عليه، فصار كالمودع إذا دل سارقا على الوديعة. ولو رمى صيدا قبل إحرامه فأصابه بعده أو عكس ضمن تغليبا لحالتي الاحرام فيهما، وفارق ذلك ما لو رمى إلى مسلم فارتد ثم أصابه فقتل بأنه مقصر بما أحدثه من إهداره. ولو نصب نحو شبكة وهو محرم أو في الحرم ضمن ما وقع فيها وتلف، سواء أنصبها في مكة أم في غيره ووقع الصيد قبل التحلل أم بعده أم بعد موته. ولو نصبها للخوف عليها من مطر ونحوه لم يضمن كما يدل عليه كلام الرافعي. ولو نصبها في غير الحرم وهو حلال ثم أحرم لم يضمن. ولو أرسل المحرم كلبا أو حل رباطه والصيد حاضر أو غائب ثم ظهر فقتله ضمن كحلال فعل ذلك في الحرم، وكذا لو انحل بتقصيره. ولو رمى صيدا فنفذ منه إلى صيد آخر فقتلهما ضمنهما، لأنه لا فرق في الضمان بين العامد والخاطئ والجاهل بالتحريم والناسي للاحرام، والتعمد في الآية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، لكن يستثنى من الضمان مسائل: منها ما لو باض حمام أو غيره في فراشه أو نحوه وفرخ ولم يمكن دفعه إلا بالتعرض له ففسد بذلك. ومنها ما لو انقلب عليه في نومه فأفسده أو جن فقتل صيدا. فإن قيل: هذا إتلاف والمجنون فيه كالعاقل. أجيب بأنه وإن كان إتلافا فهو حق لله تعالى، ففرق فيه بين من هو من أهل التمييز وغيره، وتقدم مثل ذلك في حلق الشعر، ويأتي أيضا ما تقدم هناك. ومنها ما لو أخذ الصيد تخليصا من سبع أو مداويا له أو ليتعهده فمات في يده. ومنها ما لو صال عليه فقتله دفعا فلا ضمان في الجميع، ولو اضطر المحرم وأكل الصيد بعد ذبحه ضمن، وكذا لو أكره المحرم على قتله ضمنه ويرجع بما غرمه على المكره له.
تنبيه: قول المصنف في الحرم حال من ذا المشار به إلى الاصطياد وهو متعلق بالصائد، والمصيد صادق بما إذا كان في الحرم أو أحدهما فيه. والآخر في الحل، كأن رمى من الحرم صيدا في الحل أو عكسه أو أرسل كلبا في الصورتين فيضمن في جميع ذلك، أو رمى صيدا من الحل إلى الحل فاعترض السهم الحرم ضمن. وفي مثله إرسال الكلب إنما يضمن