كإحرام المكي) بأن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بها، (ويأتي بعملها). أما غير الأفضل فله صورتان. إحداهما:
أن يأتي بالحج وحده في سنته، الثانية: أن يعتمر قبل أشهر الحج ثم يحج من الميقات. وقد صرح بصدق الافراد على هذا القاضي حسين والامام. وكلام المصنف لا يفهم منه المراد إلا بما قدرته، فإن الافراد هو الأفضل، وسيأتي بيانه بعد ذلك في كلامه. (الثاني: القران) والأكمل يحصل له (بأن يحرم بهما) معا في أشهر الحج (من الميقات) للحج، وغير الأكمل أن يحرم بهما من دون الميقات، وإن لزمه دم فتقييده بالميقات لكونه أكمل لا لكون الثاني لا يسمى قرانا.
(ويعمل عمل الحج) فقط، لأن عمل الحج أكثر، (فيحصلان) ويدخل عمل العمرة في عمل الحج فيكفيه طواف واحد وسعي واحد، لما رواه الترمذي وصححه أنه (ص) قال: من أحرم الحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما جميعا صححه الترمذي، وهذه الصورة الأصلية للقران: (ولو أحرم بعمرة) صحيحة (في أشهر الحج ثم) أحرم (بحج قبل) الشروع في (الطواف كان قارنا) بإجماع كما قاله ابن المنذر، فيكفيه عمل الحج لما روى مسلم أن عائشة رضي الله تعالى عنها أحرمت بعمرة، فدخل عليها النبي (ص) فوجدها تبكي، فقال: ما شأنك؟
فقالت: حضت وقد حل الناس ولم أحل ولم أطف بالبيت، فقال لها رسول الله (ص): أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة، فقال لها رسول الله (ص): قد حللت من حجك وعمرتك جميعا.
تنبيه: قضية كلامه أنه لو أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أدخل عليها الحج في أشهره أنه لا يصح ولا يكون قارنا، وليس مرادا، فإن الأصح في زيادة الروضة وفي المجموع أنه يصح، أي ويكون قارنا، فكان ينبغي تأخير القيد فيقول: ولو أحرم بعمرة ثم بحج قبل الطواف في أشهر الحج كان قارنا. وقوله: قبل الطواف احترز به عما إذا طاف ثم أحرم بالحج أو شرع فيه ولو بخطوة ثم أحرم بالحج، فإنه لا يصح لاتصال إحرامه بمقصوده، وهو أعظم أفعالها فلا ينصرف بعد ذلك إلى غيرها، ولأنه أخذ في التحلل المقتضي لنقصان الاحرام فلا يليق به إدخال الاحرام المقتضي لفوته. ولو استلم الحجر بنية الطواف ففي صحة الادخال وجهان، قال في المجموع: ينبغي تصحيح الجواز لأنه مقدمته لا بعضه.
وكلامه يشمل ما لو أفسد العمرة ثم أدخل الحج عليها. والأصح أنه ينعقد إحرامه بالحج فاسدا، ولذا قيدت العمرة بالصحيحة. وقيل:
ينعقد صحيحا ثم يفسد، وقيل: ينعقد صحيحا ويستمر. وكلامه كما قال الأسنوي محتمل لكل من الثلاثة. (ولا يجوز عكسه) وهو إدخال العمرة على الحج (في الجديد) لأنه لا يستفيد به شيئا آخر بخلاف إدخال الحج عليها فيستفيد به الوقوف والرمي والمبيت، لأنه يمتنع إدخال الضعيف على القوي كفراش النكاح مع فراش الملك لقوته عليه جاز إدخاله عليه دون العكس، حتى لو نكح أخت أمته جاز وطؤها بخلاف العكس، والقديم الجواز، وصححه الامام كعكسه، فيجوز ما لم يشرع في أسباب تحلله. (الثالث: التمتع) ويحصل (بأن يحرم بالعمرة) في أشهر الحج (من ميقات بلده) أو غيره، (ويفرغ منها ثم ينشئ حجا من مكة) أو من الميقات الذي أحرم بالعمرة منه، أو من مثل مسافته أو ميقات أقرب منه.
تنبيه: علم مما تقرر أن قوله: من بلده ومن مكة للتمثيل لا للتقييد، وسمي الآتي بذلك متمتعا لتمتعه بمحظورات الاحرام بين النسكين. (وأفضلها) أي أوجه أداء النسكين المتقدمة، (الافراد) إن اعتمر عامه، فلو أخرت عنه العمرة كان الافراد مفضولا لأن تأخيرها عنه مكروه. (وبعده التمتع وبعد التمتع القران) لأن المتمتع يأتي بعملين كاملين غير أنه لا ينشئ لهما ميقاتين، وأما القارن فإنه يأتي بعمل واحد من ميقات واحد. (وفي قول التمتع أفضل من الافراد)