الوداع فلعدم تصور وقوع السعي بعده كما قاله في الشرح والروضة، لأنه إذا بقي السعي لم يكن المأتي به طواف وداع.
نعم، إن بلغ قبل سعيه مسافة القصر، فقال من المتأخرين قائل: اعتد به ندبا، وقائل: وجوبا، بناء على أنه يؤمر به من يريد الخروج من مكة وإن كان محرما. والأوجه الموافق للمنقول كما قال شيخنا خلاف ذلك، إذ المراد طواف الوداع المشروع بعد فراغ المناسك كما هو صريح كلام الشيخين لا كل وداع، وأما طواف النفل فيما إذا أحرم المكي بالحج من مكة ثم تنفل بالطواف وأراد السعي بعد فصرح في المجموع بعدم إجزائه. (بحيث لا يتخلل بينهما) أي السعي وطواف القدوم (الوقوف بعرفة) وإن تخلل بينهما فصل طويل، فإن وقف بها لم يجزه السعي إلا بعد طواف الإفاضة لدخول وقت طواف الفرض، فلم يجز أن يسعى الآن لفوات التبعية بتخلل الوقوف، فالحيثية المذكورة قيد في القدوم فقط. (ومن سعى بعد) طواف (قدوم لم يعده) أي لم تسن له إعادته بعد طواف الإفاضة كما قاله في المحرر، لأنها لم ترد ولان السعي ليس قربة في نفسه كالوقوف، بخلاف الطواف فإنه عبادة يتقرب بها وحدها. فإن أعاده فخلاف الأولى، وقيل: مكروه، وقيل: تستحب الإعادة. نعم يجب على الصبي إذا بلغ بعرفة إعادته، وعتق العبد كبلوغ الصبي. ويسن للقارن طوافان وسعيان خروجا من خلاف من أوجبهما عليه من السلف والخلف، قاله الأذرعي بحثا وهو حسن. وهل الأفضل السعي بعد طواف القدوم أو بعد طواف الإفاضة؟ ظاهر كلام المصنف في مناسكه الكبرى الأول، وصرح به في مختصرها.
(ويستحب أن يرقي) الذكر (على الصفا والمروة قدر قامة) لانسان معتدل، وأن يشاهد البيت، لأنه (ص) رقي على كل منهما حتى رأى البيت، رواه مسلم. وقيل: إن الكعبة كانت ترى فحالت الأبنية بينها وبين المروة، واليوم لا ترى الكعبة إلا على الصفا من باب الصفا، بل المروة الآن ليس بها ما يرقى عليه إلا مصطبة فيسن رقيها. أما المرأة فلا ترقى كما في التنبيه، أي لا يسن لها ذلك. قال الأسنوي: وهذه المسألة من مفردات التنبيه، ولا ذكر لها في المهذب ولا شرحه ولا الروضة والشرحين. قال: والقياس أن الخنثى كذلك. قال: ولو فصل فيهما بين أن يكونا بخلوة أو بحضرة محارم، وأن لا يكونا كما قبل به في جهر الصلاة لم يبعد اه. والظاهر أنه لا يطلب الرقي منهما مطلقا. (فإذا رقي) بكسر القاف في الماضي وفتحها في المضارع، أو ألصق أصابعه بلا رقي استقبل القبلة كما نص عليه. و (قال) ذكرا كان أو غيره: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر) من كل شئ، (ولله الحمد) أي على كل حال لا لغيره، كما يشعر به تقديم الخبر. (الله أكبر على ما هدانا) أي دلنا على طاعته بالاسلام وغيره، (والحمد لله على ما أولانا) من نعمه التي لا تحصى، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) تقدم شرحه في خطبة المتن، (له الملك) أي ملك السماوات والأرض لا لغيره، (وله الحمد، يحيي ويميت، بيده) أي قدرته (الخير وهو على كل شئ) ممكن، (قدير) لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. (ثم يدعو بما شاء دينا ودنيا. قلت: ويعيد الذكر والدعاء) السابقين (ثانيا وثالثا، والله أعلم) للاتباع، رواه مسلم بزيادة بعض ألفاظ على ما ذكره المتن ونقص بعض. وقوله: بيده الخير، قال ابن شهبة: لم يوجد في كتب الحديث، لكن ذكره الشافعي في الام والبويطي. قال الأذرعي: الدعاء بأمر الدين يكون مندوبا متأكدا للتأسي وبأمر الدنيا مباحا كما سبق في الصلاة اه. ويسن أن يقول: اللهم إنك قلت * (ادعوني أستجب لكم) * وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني إلى الاسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم رواه مالك في الموطأ عن نافع أنه سمع ابن عمر يقوله على