القبلة بحيث لا يظهر لها صوت. ولا يسن للمرأة استلام ولا تقبيل ولا قرب من البيت إلا عند خلو المطاف ليلا أو نهارا، وإن خصه في الكفاية بالليل. والخنثى كالمرأة. (ويضع) بعد ذلك (جبهته عليه) للاتباع، رواه البيهقي. ويسن أن يكون التقبيل والسجود ثلاثا كما في المجموع عن الأصحاب، وهذا الحكم إنما هو للركن حتى لو نحي الحجر أو وضع في موضع آخر من الكعبة استلم الركن الذي كان فيه وقبله وسجد عليه، حكاه في المجموع عن الدارمي وسكت عليه. (فإن عجز) عن تقبيله ووضع جبهته عليه لزحمة مثلا، (استلم) بيده، لما روى الشافعي وأحمد عن عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة وإلا فهلل وكبر.
وقال في البويطي: ولو كان الزحام كثيرا مضى وكبر ولم يستلم. قال في المجموع: كذا أطلقوه. وقال البندنيجي: قال الشافعي في الام: إلا في أول الطواف وآخره، واجب له الاستلام ولو بالزحام. وهذا مع توقي التأذي والإيذاء كما أفهمه كلام الأسنوي، وهو ظاهر، فإن عجز عن استلامه بيده استلمه بنحو عصا، ثم يقبل ما استلمه به من يد أو نحو العصا لخبر الصحيحين: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، ولما روى مسلم عن نافع قال: رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم يقبل يده ويقول: ما تركته منذ رأيت رسول الله (ص) يفعله مع أن ظاهره مع أخبار أخر أنه يقبل يده بعد استلام الحجر بها مع تقبيل الحجر إذا لم يتعذر، وبه صرح ابن الصلاح في منسكه، وهو قضية اطلاق الشافعي وجماعة، لكن خصه الشيخان، ومختصر كلامهما يتعذر تقبيله كما تقرر، ونقله في المجموع عن الأصحاب. (فإن عجز) عن استلامه بيده أو غيرها، (أشار) إليه (بيده) أو بشئ فيها كما صرح به في المجموع. وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: طاف النبي (ص) على بعير له كلما أتى الركن أشار إليه بشئ عنده وكبر. ولا يندب أن يشير إلى القبلة بالفم لأنه لم ينقل عنه. واحترز بقوله بيده وإن كان يوهم أنه لا يشير بما فيها مع أنه يشير به كما صرح به في المجموع. واعلم أن الاستلام والإشارة إنما يكونان باليد اليمنى، فإن عجز فباليسرى، قال شيخنا: على الأقرب، كما قاله الزركشي. (ويراعى ذلك) أي الاستلام وما بعده، (في كل طوفة) من الطوفات السبع، لما في سنن أبي داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه (ص) كان لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل طوفة وهو في الأوتار آكد، لحديث: إن الله وتر يحب الوتر ولأنه يصير مستلما في افتتاحه واختتامه وهو أكثر عددا. (ولا يقبل الركنين الشاميين) وهما اللذان عندهما الحجر، بكسر المهملة. (ولا يستلمهما) بيده ولا بشئ فيها، أي لا يسن ذلك لما في الصحيحين عن ابن عمر: أنه (ص) كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني.
(ويستلم) الركن (اليماني) ندبا في كل طوفة للحديث المذكور. (ولا يقبله) لأنه لم ينقل، ولكن يقبل بعد استلامه ما استلمه به، فإن عجز عن استلامه أشار إليه كما نقله ابن عبد السلام خلافا لابن أبي الصيف اليمني، لأنها بدل عنه لترتبها عليها عند العجز في الحجر الأسود فكذا هنا. ومقتضى القياس أنه يقبل ما أشار به، وهو كذلك كما أفتى به شيخي.
والمراد بعدم تقبيل الأركان الثلاثة إنما هو نفي كونه سنة، فلو قبلهن أو غيرهن من البيت لم يكن مكروها ولا خلاف الأولى، بل يكون حسنا كما نقله في الاستقصاء عن نص الشافعي، وقال: وأي البيت قبل فحسن، غير أنا نؤمر بالاتباع.
قال الأسنوي: فتفطن له فإنه أمر مهم.
فائدة: السبب في اختلاف الأركان في هذه الأحكام أن الركن الذي فيه الحجر الأسود فيه فضيلتان: كون الحجر فيه، وكونه على قواعد سيدنا إبراهيم (ص)، واليماني فيه فضيلة واحدة، وهو كونه على قواعد سيدنا إبراهيم.
وأما الشاميان فليس لهما شئ من الفضيلتين. (و) ثالثها: الدعاء المأثور، فيسن (أن يقول أول طوافه) وكذا في كل طوفة كما في المجموع، لكن الأولى آكد: (بسم الله) أطوف، (والله أكبر) واستحب الشيخ أبو حامد رفع