(بالحجر الأسود) للاتباع، رواه مسلم. (محاذيا) بالمعجمة، (له) أي الحجر أو بعضه، (في مروره) عليه ابتداء، (بجميع بدنه) بأن لا يتقدم جزء من بدنه على جزء من الحجر، والمراد بجميع البدن جمع الشق الأيسر. واكتفى بمحاذاة جزء من الحجر كما اكتفى بمحاذاة جميع بدنه بجزء من الكعبة في الصلاة. وصفة المحاذاة كما قال المصنف أن يستقبل البيت ويقف على جانب الحجر الذي لجهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه، ثم ينوي الطواف ويمر مستقبلا إلى جهة يمينه حتى يجاوز الحجر، فإذا جاوزه انفتل وجعل البيت عن يساره، وهذا خاص بالطوفة الأولى فليس لنا حالة يجوز استقبال البيت فيها في الطواف إلا هذه، فهي مستثناة كما مر. وهذا مندوب، فلو جعل البيت عن يساره ابتداء من غير استقبال صح وفاتته الفضيلة. واعلم أن المحاذاة الواجبة تتعلق بالركن الذي فيه الحجر الأسود لا بالحجر نفسه، حتى لو فرض - والعياذ بالله تعالى - أنه نحى عن مكانه وجبت محاذاة الركن كما قاله القاضي أبو الطيب، ويسن حينئذ استلام محله وتقبيله والسجود عليه كما سيأتي. (فلو بدأ) في طوافه (بغير الحجر) كأن ابتدأ بالباب، (لم يحسب) ما طافه. (فإذا انتهى إليه) أي الحجر، (ابتدأ منه) وحسب له الطواف من حينئذ، كما لو قدم المتوضئ على غسل الوجه غسل عضو آخر، فإنه يجعل الوجه أول وضوئه، وظاهر هذا أن النية إذا كانت واجبة لا بد من استحضارها عند محاذاة الحجر. ويشترط أيضا خروج جميع بدنه عن جميع البيت كما نبه على ذلك بقوله: (ولو مشى على الشاذروان) وهو بفتح الذال المعجمة:
الخارج عن عرض جدار البيت مرتفعا عن وجه الأرض قدر ثلثي ذراع، تركته قريش لضيق النفقة. قال المصنف في مناسكه وغيره عن أصحابنا وغيرهم: والشاذروان ظاهر في جوانب البيت، لكن لا يظهر عند الحجر الأسود، أي وكأنهم تركوا رفعه لتهوين الاستلام، وقد أحدث في هذه الأزمان عنده شاذروان. قال: وينبغي أن يتفطن لدقيقة، وهي أن من قبل الحجر الأسود فرأسه في حال التقبيل في جزء من البيت، فيلزمه أن يقر قدميه في محلهما حتى يفرغ من التقبيل ويعتدل قائما. (أو) أدخل جزءا من بدنه في جزء من البيت، كأن (مس الجدار) الكائن (في موازاته) أي الشاذروان، أو أدخل جزءا منه في هواء الشاذروان، أو هواء غيره من أجزاء البيت، (أو دخل من إحدى فتحتي الحجر) بكسر الحاء وإسكان الجيم: المحوط بين الركنين الشاميين بجدار قصير بينه وبين كل من الركنين فتحة. (وخرج من) الفتحة (الأخرى) أو خلف منه قدر الذي من البيت وهو ستة أذرع، واقتحم الجدار وخرج من الجانب الآخر. (لم يصح طوافه) في المسائل المذكورة، أما في غير الحجر فلقوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) * وإنما يكون طائفا به إذا كان خارجا عنه وإلا فهو طائف فيه. وأما في الحجر فلانه (ص) إنما طاف خارجه، وقال: خذوا عني مناسككم ولخبر مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: سألت رسول الله (ص) عن الحجر أمن البيت هو؟ قال: نعم، قلت:
فما بالهم لم يدخلوه البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديثو عهد في الجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه بالأرض لفعلت. وظاهر الخبر أن الحجر جميعه من البيت. قال في أصل الروضة: وهو قضية كلام الأكثرين من الأصحاب وظاهر نص المختصر، لكن الصحيح أنه ليس كذلك، بل الذي هو من البيت قدر ستة أذرع تتصل بالبيت، وقيل ستة أو سبعة، ولفظ المختصر محمول على هذا، ومع ذلك يجب الطواف خارجه لما مر لأن الحج باب اتباع، وعلم من منع مرور بعض البدن على الشاذروان أن مرور بعض ثيابه لا يضر وهو كذلك. (وفي مسألة المس وجه) بصحة الطواف، لأن معظم بدنه خارج فيصدق أنه طائف بالبيت، وذهب إليه الفوراني. (و) خامسها:
(أن يطوف) بالبيت (سبعا) من الطوفات ولو في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها للاتباع، فلو ترك من السبع شيئا.
وإن قل لم يجزه، فلو شك في العدد أخذ بالأقل كعدد ركعات الصلاة، فلو اعتقد أنه طاف سبعا فأخبره عدل بأنه ستا