مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٨٣
البلاد إليك فقال ابن عبد البر: لا يختلف أهل العلم في نكارته وضعفه. واختلف في استحباب المجاورة بمكة، فقال المصنف في الايضاح: المختار استحبابه إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في الأمور المحذورة، و (الأفضل) للمحرم بالحج ولو قارنا (دخولها قبل الوقوف) بعرفة إذا لم يخش فوته، للاتباع ولكثرة ما يحصل له من السنن الآتية. (وأن يغتسل داخلها) بالرفع فاعل يغتسل: الجائي (من طريق المدينة) والشام ومصر والمغرب (بذي طوى) للاتباع، رواه الشيخان.
وطوى بالقصر وتثليث الطاء، والفتح أجود: واد بمكة بين الثنيتين وأقرب إلى السفلى، سمي بذلك لاشتماله على بئر مطوية بالحجارة، يعني مبنية بها، والطي البناء. ويجوز فيها الصرف وعدمه على إرادة المكان أو البقعة. ولا فرق في الداخل بين كونه حاجا أو معتمرا كما صرح به في المجموع. قال بعضهم: وعبارة الروضة تقتضي اختصاصه بالحاج، وليس مرادا، بل مقتضى حديث الصحيحين استحبابه لمحرم وحلال. والراجح ما في المجموع. أما الغسل لدخول مكة فقد تقدم في الباب المتقدم أنه مستحب مطلقا، وإنما أعاده لبيان محله وهو كونه من ذي طوى، وأما الجائي من غير طريق المدينة كاليمين فيغتسل من نحو تلك المسافة كما في المجموع وغيره. قال المحب الطبري: ولو قيل باستحبابه لكل حاج ومعتمر لم يبعد اه‍.
والمعتمد الأول، وإطلاقهم يقتضي أنه لا فرق بين الرجل وغيره. (و) أن (يدخلها من ثنية كداء) بفتح الكاف والمد والتنوين، وهي الثنية العليا، وهي موضع بأعلى مكة وإن لم تكن بطريقه كما صححه المصنف وصوبه لما قاله الجويني أنه (ص) عرج إليها قصدا. وحكى الرافعي عن الأصحاب تخصيصه بالآتي من طريق المدينة للمشقة وهو الموافق لما تقدم في الغسل، والمعتمد الأول. قال الأسنوي: ولعل الفرق على الأول أن ما ذكر في كداء من الحكمة الآتية غير حاصلة بسلوك غيرها، وفي الغسل من قصد النظافة حاصل في كل موضع. وأن يخرج من ثنية كدى بضم الكاف والقصر والتنوين، وهي الثنية السفلى عند جبل قعيقعان، لأنه (ص) كان يدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. والثنية الطريق الضيق بين الجبلين. وخصت العليا بالدخول لقصد الداخل موضعا عالي المقدار والخارج عكسه، ولان إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال: * (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم) * كان على العليا، كما روي عن ابن عباس. وقضيته كما قال الأسنوي استحباب ذلك لغير المحرم، قاله السهيلي. ويسن كما في المجموع إذا دخل الحرم أن يستحضر في قلبه ما أمكنه من الخشوع بظاهره وباطنه ويتذكر جلالة لحرم ومزينه على غيره، وأن يقول: اللهم هذا حرمك وأمنك، فحرمني على النار وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك. والأفضل أن يدخل مكة نهارا وماشيا إن لم يشق عليه ذلك، وأن يكون حافيا إن لم تلحقه مشقة ولم يخف نجاسة رجله. ودخوله أول النهار بعد صلاة الفجر أفضل اقتداء به (ص)، وظاهر إطلاقهم أنه لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة. وينبغي كما قال الأذرعي أن يكون دخول المرأة في نحو هودج ليلا أفضل. وأن يكون دخوله بخشوع متضرعا، قال الماوردي: ويكون من دعائه: اللهم البلد بلدك والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك مسلما لأمرك، أسألك مسألة المضطر إليك المشفق من عذابك أن تستقبلني بعفوك، وأن تتجاوز عني برحمتك، وأن تدخلني جنتك. (و) أن (يقول) داخلها (إذا أبصر البيت) أي الكعبة، والداخل من الثنية العليا يرى البيت من رأس الردم قبل دخوله المسجد، أو وصل محل رؤيته ولم يره لعمى أو ظلمة أو نحو ذلك رافعا يديه: (اللهم زد هذا البيت تشريفا) هو الترفع والاعلاء، (وتعظيما) وهو التبجيل، (وتكريما) هو التفضيل، (ومهابة) هي التوقير والاجلال، (وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا) هو الاتساع في الاحسان والزيادة فيه، وذلك للاتباع، رواه الشافعي عن ابن جريج عن النبي (ص) مرسلا إلا أنه قال وكرمه بدل وعظمه. (اللهم أنت السلام) أي ذو السلامة من النقائص، (ومنك السلام) أي ابتدئ منك، ومن أكرمته
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532