فريضة فصلاها أغنت عنهما كما في الروضة وأصلها، وإن قال في المجموع فيه نظر، وعلل ذلك بقوله: لأنهما سنة مقصودة فلا تندرج كسنة الصبح وغيرها، ومثل الفريضة الراتبة، لأن المقصود الاحرام بعد صلاة، والأفضل أن يصليهما في مسجد الميقات إن كان ثم مسجد، ولا فرق في صلاتهما بين الرجل وغيره. (ثم الأفضل أن يحرم) الشخص إن كان راكبا ( إذا انبعثت) أي استوت (به راحلته) أي دابته - كما في المحرر - قائمة إلى طريق مكة للاتباع، رواه الشيخان. (أو) يحرم إذا (توجه لطريقه) حال كونه (ماشيا)، لما روى مسلم عن جابر: أمرنا رسول الله (ص) لما أهللنا - أي أردنا أن نهل - أي نحرم إذا توجهنا، وعبارة التنبيه: إذا بدأ بالسير أحرم، وهي أخصر من العبارتين وأشمل. ( وفي قول يحرم عقب الصلاة) جالسا للاتباع، رواه الترمذي، وقال: إنه حسن صحيح. ولا فرق في ذلك بين من يحرم من مكة أو غيرها.
نعم الامام يسن له أن يخطب يوم السابع بمكة، وأن يحرم قبل الخطبة فيتقدم إحرامه مسيره بيوم، لأن مسيره للنسك إنما يكون في اليوم الثامن، قاله الماوردي، وهذا هو المعتمد، وإن قال الأذرعي كلام غيره ينازعه. وقال في المجموع:
ما قاله الماوردي غريب ومحتمل. (ويستحب) للمحرم (إكثار التلبية) من لب وألب بالمكان: أقام به، ولا فرق في ذلك بين طاهر وحائض وجنب، للاتباع رواه مسلم، ولأنها شعار النسك. (ورفع صوته) أي الذكر (بها) رفعا لا يضر بنفسه (في دوام إحرامه) هو متعلق بإكثار ورفع، أي ما دام محرما في جميع أحواله، لقوله (ص): أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، قال الترمذي: حسن صحيح. وفي كلام المصنف إشارة إلى ما في المجموع عن الشيخ أبي محمد، وأقره - استثناء التلبية المقارنة للاحرام، فإنه لا يجهر بها. أما المرأة فتخفض صوتها بحيث تقتصر على سماع نفسها، فإن رفعت لم يحرم على الصحيح، والخنثى كالمرأة. ويسن للملبي في التلبية إدخال أصبعيه في أذنيه كما ذكره ابن حبان في صحيحه. (وخاصة) هو اسم فاعل مختوم بالتاء بمعنى المصدر، وهو خصوصا: أي يتأكد. وقوله: (عند تغاير الأحوال) مزيد على المحرر قصد به إفادة ضابط يؤخذ منه أشياء كثيرة، منها قوله: (كركوب ونزول وصعود وهبوط) بضم أولهما بخطه مصدر، ويجوز فتحه اسم لمكان يصعد فيه ويهبط. (واختلاط رفقة) بتثليث الراء كما مر في التيمم: اسم لجماعة يرفق بعضهم لبعض، وأشار بالكاف في كركوب إلى عدم الحصر فيما ذكر، فتتأكد في أمور أخر كإقبال ليل أو نهار وفراغ من صلاة وعند نوم أو يقظة منه وعند سماع رعد أو هيجان ريح، قائما وقاعدا ومضطجعا ومستلقيا راكبا وماشيا. ويتأكد الاستحباب في المساجد لا فرق بين المسجد الحرام وغيره ووقت السحر، ولا فرق بين الجنب والحائض والنفساء وغيرهم في أصل الاستحباب. وتكره التلبية في مواضع النجاسات كغيرها من الأذكار تنزيها لذكر الله تعالى، ويستثنى من تغاير الأحوال ما تضمنه قوله: (ولا تستحب) التلبية (في طواف القدوم) لأنه جاء فيه أدعية وأذكار خاصة، فصار كطواف الإفاضة والوداع، ولا تستحب في السعي بعده أيضا ولا في الطواف المتبوع به لما ذكر. (وفي القديم تستحب فيه) وفي السعي بعده وفي المتطوع به في أثناء الاحرام، لكن (بلا جهر) في ذلك لاطلاق الأدلة. وأما طواف الإفاضة والوداع فلا تستحب فيهما قطعا، (ولفظها: لبيك) ومعناها: أنا مقيم في طاعتك. مأخوذ من لب بالمكان لبا وألب به إلبابا إذا أقام به، وزاد الأزهري: إقامة بعد إقامة وإجابة بعد إجابة، وهو مثنى مضاف أريد به التكثير سقطت نونه للإضافة. (اللهم) أصله يا الله حذف حرف النداء وعوض عنه الميم. (لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك) أراد بنفي الشريك مخالفة المشركين فإنهم كانوا يقولون:
لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. (إن الحمد) بكسر الهمزة على الاستئناف. قال المصنف: وهو أصح وأشهر، ويجوز فتحها على التعليل، أي لأن الحمد. (والنعمة لك) بنصب النعمة على المشهور، ويجوز رفعها على