مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٨٧
استحب العمل بقوله، قاله في الأنوار وجزم به السبكي، بخلاف عدد ركعات الصلاة، والفرق أن زيادة الركعات مبطلة بخلاف الطواف. ولا بد أن يحاذي شيئا من الحجر بعد الطوفة السابعة مما حاذاه أولا. (و) سادسها: كونه (داخل المسجد) للاتباع أيضا، فلا يصح حوله بالاجماع كما نقله في المجموع، ويصح داخل المسجد وإن وسع وحال حائل بين الطائف والبيت كالسقاية والسواري. نعم لو زيد فيه حتى بلغ الحل فطاف فيه في الحل لم يصح كما هو القياس في المهمات، ويصح على سطح المسجد وإن كان سقف المسجد أعلى من البيت كالصلاة على جبل أبي قبيس مع ارتفاعه عن البيت. وهذا هو المعتمد، وإن فرق بأن المقصود في الصلاة جهة بنائها، فإذا علا كان مستقبلا. والمقصود في الطواف نفس بنائها، فإذا علا لم يكن طائفا به. وسابعها: نية الطواف إن استقل بأن لم يشمله نسك كسائر العبادات كالطواف المنذور والمتطوع به. قال ابن الرفعة: وطواف الوداع لا بد له من نية، لأنه يقع بعد التحلل، ولأنه ليس من المناسك عند الشيخين كما سيأتي، بخلاف الذي شمله نسك وهو طواف الركن للحج أو العمرة وطواف القدوم فلا يحتاج في ذلك إلى نية لشمول نية النسك له. وثامنها: عدم صرفه لغيره كطلب غريم كما في الصلاة، فإن صرفه انقطع لا إن نام فيه على هيئة لا تنقض الوضوء. (وأما السنن) المطلوبة للطائف فثمانية: أحدها: ما ذكره بقوله: (فأن يطوف ماشيا) ولو امرأة للاتباع، رواه مسلم، لا محمولا على آدمي أو بهيمة أو نحو ذلك لمنافاة الخشوع، ولان البهيمة قد تؤذي الناس وتلوث المسجد. نعم إن كان له عذر من مرض ونحوه فلا بأس لما في الصحيحين: أن أم سلمة قدمت مريضة، فقال لها رسول الله (ص): طوفي وراء الناس وأنت راكبة وفيها أنه (ص) طاف راكعا في حجة الوداع ليظهر فيستفتي، فلمن احتيج إلى ظهوره للفتوى أن يتأسى به، فلو ركب بهيمة بلا عذر لم يكره وكان خلاف الأولى كما في المجموع عن الجمهور، وهذا عند أمن التلويث، وإلا حرم إدخالها المسجد، وقول الإمام: وفي القلب من إدخال البهيمة شئ، أي التي لا يؤمن من تلويثها المسجد، فإن أمكن الاستيثاق فذاك، أي خلاف الأولى، وإلا فإدخالها مكروه محمول على كراهة التحريم لما سيأتي في الشهادات أن إدخال البهائم التي لا يؤمن تلويثها المسجد حرام. وما فرق به من أن إدخال البهيمة إنما هو لحاجة إقامة السنة كما فعله (ص)، إطلاقه ممنوع، لأن ذلك إذا لم يخف تلويثها، ولا يقاس ذلك على إدخال الصبيان المحرمين المسجد لأن ذلك ضروري. وأيضا يمكن الاحتراز عنه عند الخوف بالتحفظ ونحوه، ولا كذلك البهيمة. ونقل الأسنوي الكراهة عند أمن التلويث عن جزم الرافعي والنووي في مجموعه في الفصل المعقود لأحكام المساجد، وقال: إن عدم الكراهة مخالف لما في كتب الأصحاب ولنص الشافعي. وما رد به على الأسنوي من عدم الكراهة بأن من حفظ عدم الكراهة حجة على من يحفظ، ممنوع، إذ المثبت مقدم على النافي، والأسنوي مثبت الكراهة وغيره ناف لها.
وقال الأشموني في بسط الأنوار: قلت: نص الشافعي على كراهة الركوب بلا عذر وجزم بها في شرح المهذب، وقال من زيادته في كتاب الشهادات: إدخال الصبيان في المسجد حرام إن غلب تنجيسهم له، وإن لم يغلب فمكروه، قال، أعني الأشموني: وأقل مراتب البهائم أن تكون كالصبيان في ذلك. وقال الأذرعي: إنه المذهب بلا شك، ومع ذلك فترك الكراهة هنا كما مر أولى للحاجة لإقامة السنة، بخلاف إدخالها لغير ذلك، فيكره عند الامن كما مر أيضا. قال الماوردي: وحكم طواف المحمول على أكتاف الرجال كالراكب فيما ذكر، وإذا كان معذورا فطوافه محمولا أولى منه راكبا صيانة للمسجد من الدابة، وركوب الإبل أيسر حالا من ركوب البغال والحمير. ذكر ذلك في المجموع، وفيه:
ولو طاف زحفا مع قدرته على المشي صح مع الكراهة. قال الأسنوي: ويسن أن يكون حافيا في طوافه كما نبه عليه بعضهم، أي عند عدم العذر. قال في الاملاء: وأحب لو كان يطوف بالبيت حافيا أن يقصر في المشي لتكثر خطاه رجاء كثرة الاجر له. (و) ثانيها: أن (يستلم الحجر) الأسود بعد استقباله، أي يلمسه بيده (أول طوافه) ويسن أن تكون يده اليمنى. (ويقبله) للاتباع، رواه الشيخان. فإن لم يتمكن من الاستلام باليد استلم بخشبة ونحوها.
وإن كان ظاهر كلام المصنف أنه مخير بين اليد وغيرها، فإنه لم يبين ما يستلمه به. قال في المجموع: ويسن أن يخفف
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532