الوحي، فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة، ومن معه هدي أن يجعله حجا. ويفارق في الصلاة حيث لا يجوز الاحرام بها مطلقا بأن التعيين ليس شرطا في انعقاد النسك، ولهذا لو أحرم بنسك نفل وعليه نسك فرض انصرف إلى الفرض، ولو قيد الاحرام بزمن كيوم أو يومين أو أكثر انعقد مطلقا كما في الطلاق، وهذا هو المعتمد وإن قال في المجموع: ينبغي في هذا وفي مسألتي النصف عدم الانعقاد، لأنه من باب العبادات والنية الجازمة شرط فيها، بخلاف الطلاق فإنه مبني على الغلبة والسراية ويقبل الاخطار ويدخله التعليق. (والتعيين أفضل) من الاطلاق، وحكى هذا عن نص الام ليعرف ما يدخل عليه، قالوا: ولأنه أقرب إلى الخلاص. (وفي قول الاطلاق) أفضل من التعيين، وحكى هذا عن نص الاملاء، لأنه ربما حصل له عارض من مرض أو غيره فلا يتمكن من صرفه إلى ما لا يخاف فوته.
(فإن أحرم) إحراما (مطلقا في أشهر الحج صرفه بالنية) لا باللفظ فقط، (إلى ما شاء من النسكين أو إليهما) معا إن صلح الوقت لهما، (ثم اشتغل) بعد الصرف، (بالاعمال) فلا يجزئ العمل قبله كما أشعر به التعبير ب ثم، لكن لو طاف ثم صرفه للحج وقع طوافه عن القدوم وإن كان من سنن الحج، ولو سعى بعده احتمل الاجزاء لوقوعه تبعا واحتمل خلافه، وهو الأوجه، لأنه ركن فيحتاط له وإن وقع تبعا، فإن لم يصلح بأن فات وقت الحج صرفه للعمرة كما قاله الروياني. وعن القاضي حسين: يحتمل أن يتعين عمرة كما لو أحرم قبل أشهر الحج، ويحتمل أنه يبقى على ما كان وعليه التعيين، فإن عين عمرة مضى فيها أو حجا كان كمن فاته الحج، والأول أوجه. ولو ضاق الوقت فالمتجه كما قال الأسنوي، وهو مقتضى كلام الأصحاب، أن له صرفه إلى ما شاء، ويكون عند صرفه إلى الحج كمن أحرم بالحج في تلك الحالة. قال القاضي: ولو أحرم مطلقا ثم أفسده قبل التعيين فأيهما عينه كان مفسدا له. (وإن أطلق) الاحرام ( في غير أشهره) أي الحج، (فالأصح) وعبر في الروضة بالصحيح، (انعقاد عمرة فلا يصرفه إلى الحج في أشهره) أي الحج، لأن الوقت لا يقبل غير العمرة، والثاني: ينعقد بهما فله صرفه إلى عمرة. وبعد دخول أشهر الحج إلى النسكين أو أحدهما، فإن صرفه إلى الحج قبل أشهره كان كإحرامه به قبلها فينعقد عمرة على الصحيح. (وله) أي لعمرو مثلا، (أن يحرم كإحرام زيد) كأن يقول: أحرمت بما أحرم به زيد أو كإحرامه، ولان أبا موسى رضي الله تعالى عنه أهل بإهلال كإهلال رسول الله (ص)، فلما أخبره قال له: أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة وأحل، وكذا فعل علي رضي الله تعالى عنه، وكلاهما في الصحيحين. (فإن لم يكن زيد محرما) أو كان كافرا بأن أتى بصورة الاحرام أو محرما إحراما فاسدا، (انعقد إحرامه مطلقا) لأنه قصد الاحرام بصفة خاصة، فإذا بطلت بقي أصل الاحرام ولغت إضافته لزيد. (وقيل إن علم عدم إحرام زيد لم ينعقد) إحرامه، كما لو علق فقال: إن كان محرما فقد أحرمت فلم يكن محرما.
وفرق الأصح بأن في المقيس عليه تعليق أصل الاحرام فليس جازما به، بخلاف المقيس فإنه جازم بالاحرام فيه. (وإن كان زيد محرما) بإحرام صحيح (انعقد إحرامه كإحرامه) من تعيين أو إطلاق، ويتخير في المطلق كما يتخير زيد، ولا يلزمه صرفه إلى ما يصرفه زيد. ولو عين زيد قبل إحرامه عمرو حجا انعقد إحرام عمرو مطلقا، وكذا لو أحرم زيد بعمرة ثم أدخل عليها الحج فينعقد لعمرو عمرة لا قرانا، ولا يلزمه إدخال الحج على العمرة إلا أن يقصد به التشبيه في الحال في الصورتين، فيكون في الأولى حاجا وفي الثانية قارنا. ولو أحرم قبل صرفه في الأولى وقبل إدخال الحج في الثانية وقصد التشبيه به في حال تلبسه بإحرامه الحاضر والآتي، ففي الروضة عن البغوي ما يقتضي أنه يصح وهو المعتمد. قال الأذرعي: وفيه نظر، لأنه في معنى التعليق بمستقبل، إلا أن يقال أنه جازم في الحال. ويغتفر ذلك في الكيفية دون