مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٧٧
الوحي، فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة، ومن معه هدي أن يجعله حجا. ويفارق في الصلاة حيث لا يجوز الاحرام بها مطلقا بأن التعيين ليس شرطا في انعقاد النسك، ولهذا لو أحرم بنسك نفل وعليه نسك فرض انصرف إلى الفرض، ولو قيد الاحرام بزمن كيوم أو يومين أو أكثر انعقد مطلقا كما في الطلاق، وهذا هو المعتمد وإن قال في المجموع: ينبغي في هذا وفي مسألتي النصف عدم الانعقاد، لأنه من باب العبادات والنية الجازمة شرط فيها، بخلاف الطلاق فإنه مبني على الغلبة والسراية ويقبل الاخطار ويدخله التعليق. (والتعيين أفضل) من الاطلاق، وحكى هذا عن نص الام ليعرف ما يدخل عليه، قالوا: ولأنه أقرب إلى الخلاص. (وفي قول الاطلاق) أفضل من التعيين، وحكى هذا عن نص الاملاء، لأنه ربما حصل له عارض من مرض أو غيره فلا يتمكن من صرفه إلى ما لا يخاف فوته.
(فإن أحرم) إحراما (مطلقا في أشهر الحج صرفه بالنية) لا باللفظ فقط، (إلى ما شاء من النسكين أو إليهما) معا إن صلح الوقت لهما، (ثم اشتغل) بعد الصرف، (بالاعمال) فلا يجزئ العمل قبله كما أشعر به التعبير ب‍ ثم، لكن لو طاف ثم صرفه للحج وقع طوافه عن القدوم وإن كان من سنن الحج، ولو سعى بعده احتمل الاجزاء لوقوعه تبعا واحتمل خلافه، وهو الأوجه، لأنه ركن فيحتاط له وإن وقع تبعا، فإن لم يصلح بأن فات وقت الحج صرفه للعمرة كما قاله الروياني. وعن القاضي حسين: يحتمل أن يتعين عمرة كما لو أحرم قبل أشهر الحج، ويحتمل أنه يبقى على ما كان وعليه التعيين، فإن عين عمرة مضى فيها أو حجا كان كمن فاته الحج، والأول أوجه. ولو ضاق الوقت فالمتجه كما قال الأسنوي، وهو مقتضى كلام الأصحاب، أن له صرفه إلى ما شاء، ويكون عند صرفه إلى الحج كمن أحرم بالحج في تلك الحالة. قال القاضي: ولو أحرم مطلقا ثم أفسده قبل التعيين فأيهما عينه كان مفسدا له. (وإن أطلق) الاحرام ( في غير أشهره) أي الحج، (فالأصح) وعبر في الروضة بالصحيح، (انعقاد عمرة فلا يصرفه إلى الحج في أشهره) أي الحج، لأن الوقت لا يقبل غير العمرة، والثاني: ينعقد بهما فله صرفه إلى عمرة. وبعد دخول أشهر الحج إلى النسكين أو أحدهما، فإن صرفه إلى الحج قبل أشهره كان كإحرامه به قبلها فينعقد عمرة على الصحيح. (وله) أي لعمرو مثلا، (أن يحرم كإحرام زيد) كأن يقول: أحرمت بما أحرم به زيد أو كإحرامه، ولان أبا موسى رضي الله تعالى عنه أهل بإهلال كإهلال رسول الله (ص)، فلما أخبره قال له: أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة وأحل، وكذا فعل علي رضي الله تعالى عنه، وكلاهما في الصحيحين. (فإن لم يكن زيد محرما) أو كان كافرا بأن أتى بصورة الاحرام أو محرما إحراما فاسدا، (انعقد إحرامه مطلقا) لأنه قصد الاحرام بصفة خاصة، فإذا بطلت بقي أصل الاحرام ولغت إضافته لزيد. (وقيل إن علم عدم إحرام زيد لم ينعقد) إحرامه، كما لو علق فقال: إن كان محرما فقد أحرمت فلم يكن محرما.
وفرق الأصح بأن في المقيس عليه تعليق أصل الاحرام فليس جازما به، بخلاف المقيس فإنه جازم بالاحرام فيه. (وإن كان زيد محرما) بإحرام صحيح (انعقد إحرامه كإحرامه) من تعيين أو إطلاق، ويتخير في المطلق كما يتخير زيد، ولا يلزمه صرفه إلى ما يصرفه زيد. ولو عين زيد قبل إحرامه عمرو حجا انعقد إحرام عمرو مطلقا، وكذا لو أحرم زيد بعمرة ثم أدخل عليها الحج فينعقد لعمرو عمرة لا قرانا، ولا يلزمه إدخال الحج على العمرة إلا أن يقصد به التشبيه في الحال في الصورتين، فيكون في الأولى حاجا وفي الثانية قارنا. ولو أحرم قبل صرفه في الأولى وقبل إدخال الحج في الثانية وقصد التشبيه به في حال تلبسه بإحرامه الحاضر والآتي، ففي الروضة عن البغوي ما يقتضي أنه يصح وهو المعتمد. قال الأذرعي: وفيه نظر، لأنه في معنى التعليق بمستقبل، إلا أن يقال أنه جازم في الحال. ويغتفر ذلك في الكيفية دون
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532