مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٣٥
أحدكم صائما فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور رواه الترمذي وغيره وصححوه. والاستدراك على النصوص بغير دليل ممنوع، والخير كله فيما شرعه لنا رسول الله (ص). فإن قيل: قد صرح الأطباء بأن أكل التمر يضعف البصر فكيف يعلل بأنه يرده؟ أجيب بأن كثيره يضعفه وقليله يقويه، والشئ قد ينفع قليله ويضر كثيره. ويسن السحور لخبر الصحيحين: تسحروا فإن في السحور بركة ولخبر الحاكم في صحيحه: استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، وبقيلولة النهار على قيام الليل. (و) يسن (تأخير السحور ما لم يقع في شك) في طلوع الفجر، لخبر: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور رواه الإمام أحمد، ولأنه أقرب إلى التقوي على العبادة، فإن شك في ذلك كأن تردد في بقاء الليل لم يسن التأخير، بل الأفضل تركه للخبر الصحيح: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
تنبيه: السحور بفتح السين المأكول في السحر، وبضمها الاكل حينئذ، وأكثر ما يروى بالفتح. وقيل: إن الصواب الضم لأن الاجر والبركة في الفعل، على أن الآخر لا يمتنع على سبيل المجاز. وهل الحكمة في السحور التقوي على الصوم أو مخالفة أهل الكتاب؟ وجهان: وقد يقال إنها لهما. ولو صرح المصنف بسنه كما قدرته وصرح به في المحرر لكان أولى فإن استحبابه مجمع عليه، وذكر في المجموع أنه يحصل بكثير المأكول وقليله وبالماء، ففي صحيح ابن حبان:
تسحروا ولو بجرعة ماء. ويدخل وقته بنصف الليل كما ذكره الرافعي في الايمان وذكره في المجموع هنا. وقيل:
بدخول السدس الأخير. (وليصن) أي الصائم ندبا (لسانه عن) الفحش من (الكذب والغيبة) والنميمة والشتم ونحوها، لخبر البخاري: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ولخبر الحاكم في صحيحه: ليس الصيام من الأكل والشرب فقط الصيام من اللغو والرفث ولأنه يحبط الثواب. فإن قيل: صون اللسان عن ذلك واجب. أجيب بأن المعنى أنه يسن للصائم من حيث الصوم، فلا يبطل صومه بارتكاب ذلك بخلاف ارتكاب ما يجب اجتنابه من حيث الصوم كالاستقاءة. قال السبكي: وحديث: خمس يفطرن الصائم: الغيبة والنميمة.
إلى آخره ضعيف وإن صح. قال الماوردي: فالمراد بطلان الثواب لا الصوم. قال: ومن هنا حسن عدم الاحتراز عنه من آداب الصوم وإن كان واجبا مطلقا، فإن شتمه أحد فليقل إني صائم لخبر الصحيحين: الصيام جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم - مرتين يقول بقلبه لنفسه لتصبر ولا تشاتم فتذهب بركة صومها كما نقله الرافعي عن الأئمة، أو بلسانه بنية وعظ الشاتم ودفعه بالتي هي أحسن كما نقله المصنف عن جمع وصححه، ثم قال: فإن جمعهما فحسن. وقال: إنه يسن تكراره مرتين أو أكثر لأنه أقرب إلى إمساك صاحبه عنه، وقول الزركشي ولا أظن أحدا يقوله، مردود بالخبر السابق.
فائدة: سئل أكثم بن صيفي: كم وجدت في ابن آدم من عيب؟ قال: هي أكثر من أن تحصى، والذي أحصيته منها ثمانية آلاف عيب، ويستر جميع ذلك حفظ اللسان. (و) ليصن (نفسه) ندبا (عن الشهوات) التي لا تبطل الصوم من المشمومات والمبصرات والملموسات والمسموعات كشم الرياحين والنظر إليها ولمسها وسماع الغناء، لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم، وهي لتنكسر النفس عن الهوى وتقوى على التقوى، بل يكره له ذلك. (ويستحب أن يغتسل عن الجنابة) والحيض والنفاس (قبل الفجر) ليكون على طهر من أول الصوم، وليخرج من خلاف أبي هريرة حيث قال: لا يصح صومه، وخشية من وصول الماء إلى باطن أذن أو دبر أو نحوه. قال بعض المتأخرين: وينبغي أن يغسل هذه المواضع إن لم يتهيأ له الغسل الكامل. قال الأسنوي: وقياس المعنى الأول المبادرة إلى الاغتسال عقب الاحتلام نهارا، فلو وصل شئ من الماء إلى ما ذكر من غسله ففيه التفصيل المذكور في المضمضة والاستنشاق. وقال المحاملي والجرجاني: يكره للصائم دخول الحمام - يعني من غير حاجة - لجواز أن يضره فيفطر.
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532