مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٤٧
شهر ولو غير أيام البيض كما في البحر وغيره. قال السبكي: والحاصل أنه يسن صوم ثلاثة، وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين، والأحوط صوم الثاني عشر معها أيضا للخروج من خلاف من قال إنه أول الثلاثة. وسميت هذه الأيام بذلك لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها لآخرها، ويستثنى ثالث عشر ذي الحجة فإن صومه حرام كما مر، وبحث بعضهم أنه يصوم بدلا عنه السادس عشر. ويسن صوم أيام الليالي السود، وهو الثامن والعشرون وتالياه، وينبغي كما قال شيخنا أن يصوم معها السابع والعشرين احتياطا. وخصت أيام البيض والسود بذلك لتعميم ليالي الأولى بالنور والثانية بالسواد، فناسب صوم الأولى شكرا والثانية لطلب كشف السواد، ولان الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل فناسب تزويده بذلك. (و) صوم (ستة من شوال) وهذا من القسم الثاني، فيسن صومها لقوله (ص):
من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم، وروى النسائي خبر: صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة أي كصيامها فرضا، وإلا فلا يختص ذلك برمضان وستة من شوال لأن الحسنة بعشرة أمثالها.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف استحباب صومها لكل أحد سواء أصام رمضان أم لا كمن أفطر لمرض أو صبا أو كفر أو غير ذلك، وهو الظاهر كما جرى عليه بعض المتأخرين، وإن كانت عبارة كثيرين: يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال كلفظ الحديث، وتحصل السنة بصومها متفرقة. (و) لكن (تتابعها أفضل) عقب العيد مبادرة إلى العبادة ولما في التأخير من الآفات. ولو صام في شوال قضاء أو نذرا أو غير ذلك، هل تحصل له السنة أو لا؟ لم أر من ذكره، والظاهر الحصول. لكن لا يحصل له هذا الثواب المذكور خصوصا من فاته رمضان وصام عنه شوالا لأنه لم يصدق عليه المعنى المتقدم، ولذلك قال بعضهم: يستحب له في هذه الحالة أن يصوم ستا من ذي القعدة لأنه يستحب قضاء الصوم الراتب اه‍. وهذا إنما يأتي إذا قلنا أن صومها لا يحصل بغيرها، أما إذا قلنا بحصوله وهو الظاهر كما تقدم فلا يستحب قضاؤها. وقول المصنف ستة بإثبات التاء مع حذف المعدود لغة، والأفصح حذفها كما ورد في الحديث. ويسن صوم آخر كل شهر لما مر في صوم أيام السواد، فإن صامها أتى بالسنتين، ولا يرد على ذلك يوم الشك فإنه آخر شهر لأن الكلام تقدم عليه. (ويكره إفراد) يوم (الجمعة) بالصوم، لقوله (ص): لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده رواه الشيخان، وليتقوى بفطره على الوظائف المطلوبة فيه، ولذلك خصه البيهقي وجماعة نقلا عن مذهب الشافعي بمن يضعف به عن الوظائف، والظاهر أنه لا فرق، فقد قيل: إن العلة في ذلك لئلا يبالغ في تعظيمه كاليهود في السبت، وقيل: لئلا يعتقد وجوبه، وقيل: لأنه يوم عيد وطعام. (و) يكره أيضا (إفراد السبت) أو الاحد بالصوم لخبر: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه على شرط الشيخين، ولان اليهود تعظم يوم السبت والنصارى يوم الأحد. وخرج بإفراد كل من الثلاثة جمعه مع غيره، فلا يكره جمع الجمعة مع السبت ولا السبت مع الاحد لأن المجموع لا يعظمه أحد، وحمل على هذا ما روى النسائي: أنه (ص) كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت والاحد، وكان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين وأحب أن أخالفهم قال بعضهم: ولا يعرف لهذه المسألة نظير، وهو أنه إذا ضم مكروه آخر تزول الكراهة. فإن قيل: التعليل بالتقوي بالفطر في كراهة إفراد الجمعة يقتضي أنه لا فرق بين إفرادها وجمعها؟ أجيب بأنه إذا جمعها حصل له بفضيلة صوم غيره ما يجبر ما حصل فيها من النقص، قاله في المجموع.
تنبيه: محل كراهة إفراد ما ذكر إذا لم يوافق عادة له، فإن كان له عادة كأن اعتاد صوم يوم وفطر يوم فوافق صومه يوما منها لم يكره كما في صوم يوم الشك، ولخبر مسلم: لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم. وقيس بالجمعة الباقي. ولا يكره إفراد عيد من أعياد أهل الملل بالصوم كالنيروز والمهرجان، وإطلاق المصنف كراهة إفراده محمول على النفل فلا يكره في المعتاد والفرض كما دل عليه الحديث. ثم شرع في القسم الأول فقال:
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532