للمرضع، وظاهر كما قال شيخنا أن محل ما ذكر في المستأجرة والمتطوعة إذا لم يوجد مرضعة مفطرة أو صائمة لا يضرها الارضاع. (والأصح أنه يلحق بالمرضع) في إيجاب الفدية في الأظهر مع القضاء، (من أفطر لانقاذ) آدمي معصوم أو حيوان محترم، (مشرف على هلاك) بغرق أو غيره بجامع الافطار، فيجب عليه الفطر إذا لم يمكنه تخليصه إلا بفطره إبقاء لمهجته، فهو فطر ارتفق به شخصان، وهو حصول الفطر للمفطر والخلاص لغيره، فلو أفطر لتخلص مال لا فدية عليه كما صرح به القفال لأنه لم يرتفق به إلا شخص واحد، ولا يجب الفطر لأجله بل هو جائز. بخلاف الحيوان المحترم فإنه يرتفق بالفطر شخصان. وهذا هو ظاهر مفهوم تقييد القفال بالمال، وإن قال بعض المتأخرين: في البهيمة نظر، لأنهم نزلوا الحيوان المحترم في وجوب الدفع عنه منزلة الآدمي المعصوم، بل قضية كلام المصنف كأصله التسوية بين النفس والمال لولا ما قدرته، ولا يجوز الفطر للحيوان الغير المحترم. والثاني: لا يلحق بها، لأن إيجاب الفدية مع القضاء بعيد عن القياس.
وإنما قلنا به في الحامل والمرضع لورود الاخبار به فبقي ما عداه على الأصل. (لا المتعدي بفطر رمضان بغير جماع) فإنه لا يلحق بالحامل والمرضع في لزوم الفدية مع القضاء في الأصح بل يلزمه القضاء فقط، لأنه لم يرد في الفدية توقيف والأصل عدمه. والثاني: يلحق بهما في اللزوم من باب أولى لتعديه. وفرق الأول بأن فطر المرضع ونحوها ارتفق به شخصان، فجاز أن يجب به أمران، كالجماع لما حصل مقصوده للرجل والمرأة تعلق به القضاء والكفارة العظمى، وبأن الفدية غير معتبرة بالاثم وإنما هي حكمة استأثر الله تعالى بها، ألا ترى أن الردة في شهر رمضان أفحش من الوطئ مع أنه لا كفارة فيها؟ وبما ذكر يندفع ما استشكل به من أنه لو ترك بعضا من أبعاض الصلاة عمدا أنه يسجد له للسهو، فقد قالوا هناك:
إنه أولى بالجبر من السهو. (ومن أخر قضاء رمضان) أو شيئا منه (مع إمكانه) بأن لم يكن به عذر من سفر أو غيره (حتى دخل رمضان آخر، لزمه مع القضاء لكل يوم مد) لأن ستة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم قالوا بذلك ولا مخالف لهم، قاله الماوردي. ويأثم بهذا التأخير كما في المجموع، وفيه أنه يلزمه المد بدخول رمضان، فإن لم يمكنه القضاء لاستمرار عذره: كأن استمر مسافرا أو مريضا، أو المرأة حاملا أو مرضعا حتى دخل رمضان، فلا فدية عليه بهذا التأخير لأن تأخير الأداء بهذا العذر جائز فتأخير القضاء أولى. وقضية إطلاقه أنه لا فرق عند التأخير بعذر بين أن يكون الفوات بعذر أم لا، وبه صرح المتولي في التتمة، وسليم الرازي في المجرد، لكن نقل الشيخان في صوم التطوع عن البغوي من غير مخالفة: أن ما فات بغير عذر يحرم تأخيره بعذر السفر. وقضيته لزوم الفدية وهو الظاهر. قال الأذرعي: وينبغي أن يستثنى من الكتاب ما إذا نسي القضاء أو جهله حتى دخل رمضان آخر فإنه لا فدية عليه كما أفهمه كلامهم اه، والظاهر أنه إنما يسقط عنه بذلك الاثم لا الفدية.
فائدة: وجوب الفدية هنا للتأخير، وفدية الشيخ الهرم ونحوه لأصل الصوم، وفدية المرضع والحامل لتفويت فضيلة الوقت. (والأصح تكرره) أي المد إذا لم يخرجه، (بتكرر السنين) لأن الحقوق المالية لا تتداخل. والثاني:
لا يتكرر كالحدود. ومحل الخلاف إذا لم يكن أخرج الفدية، فإن أخرجها ثم لم يقض حتى دخل رمضان آخر وجبت ثانيا بلا خلاف. وهكذا حكم العام الثالث والرابع فصاعدا كما ذكره البغوي وغيره وقال الأسنوي إنه واضح لأن الحدود بعد إقامتها تقتضي التكرار عند الفعل ثانيا بلا خلاف مع أنها أخف مما نحن فيه بدليل أنه يكفي العدد منها حد واحد بلا خلاف. (و) الأصح (أنه لو أخر القضاء) أي قضاء رمضان (مع إمكانه) وقلنا بالجديد السابق حتى دخل رمضان آخر. (فمات، أخرج من تركته لكل يوم مدان: مد للفوات) للصوم (ومد للتأخير) للقضاء،