مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٥
الأصحاب، وينبغي اشتراط التعيين في الصوم الراتب كعرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال كرواتب الصلاة؟
أجيب بأن الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها، بل لو نوى به غيرها حصل أيضا كتحية المسجد لأن المقصود وجود صومها. (وكماله) أي التعيين كما قاله في المحرر، وعبر في الروضة بكمال النية، (في رمضان أن ينوي صوم غد) أي اليوم الذي يلي الليلة التي ينوي فيها (عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى) بإضافة رمضان، وكذلك لتتميز عن أضدادها، لكن فرض غير هذه السنة لا يكون إلا قضاء، وقد خرج بقيد الأداء، إلا أن يقال لفظ الأداء لا يغني عن السنة لأن الأداء يطلق ويراد به الفعل. ثم التعرض للغد قد يكون بخصوصه كما تقرر، وقد يكون بإدخاله في عموم كأن ينوي صوم الشهر فيكفيه لليوم الأول لدخوله في صوم الشهر. قال في أصل الروضة: ولفظ الغد قد اشتهر في كلامهم في تفسير التعيين، وهو في الحقيقة ليس من حد التعيين، وإنما وقع ذلك من نظرهم إلى التبييت. (وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة) كذا ذكره الرافعي في كتبه وتبعه المصنف في الروضة. وظاهره أن يكون الأصح اشتراط الفرضية دون الأداء والإضافة إلى الله تعالى، لكن صحح في المجموع تبعا للأكثرين عدم اشتراطها هنا، وهو المعتمد بخلافه في الصلاة لأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا بخلاف الصلاة، فإن المعادة نفل. فإن قيل: الجمعة لا تقع من البالغ إلا فرضا مع أنه يشترط فيها نية الفرضية؟ أجيب بأن ذلك ممنوع، فإنه لو صلاها بمكان ثم أدرك جماعة في آخر يصلونها فصلاها معهم فإنها لا تقع منه فرضا. (والصحيح) المنصوص وقطع به الجمهور (أنه لا يشترط تعيين السنة) كما لا يشترط الأداء لأن المقصود منهما واحد، والثاني: يشترط ليمتاز ذلك عما يأتي به في سنة أخرى. ولو نوى صوم غد وهو يعتقده الاثنين فكان الثلاثاء، أو صوم رمضان هذه السنة وهو يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع، صح صومه بخلاف ما لو نوى صوم الثلاثاء ليلة الاثنين، أو صوم رمضان سنة ثلاث فكانت سنة أربع، ولم يخطر بباله في الأولى الغد وفي الثانية السنة الحاضرة لأنه لم يعين الوقت الذي نوى في ليلته، وتصوير مثله بعيد. ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غد عن قضاء رمضان جاز وإن لم يعين أنه عن قضاء أيهما لأنه كله جنس واحد، قاله القفال في فتاويه، قال: وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة فنوى صوم النذر جاز وإن لم يعين نوعه، وكذا الكفارات كما مرت الإشارة إليه. وجعل الزركشي ذلك مستثنى من وجوب التعيين. ويشترط أن تكون النية منجزة، ويأتي في تعليقها بالمشيئة ما مر في الوضوء، وأما التعليق بغيرها فقد أشار إليه بقوله: (ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه) وصامه (فكان منه لم يقع عنه) سواء اقتصر على هذا أم زاد بعده فقال: وإلا أنا مفطر، أو: متطوع للشك في أنه منه حال النية فليست جازمة. وسكت المصنف عما إذا جزم ولم يأت بلفظ إن الدالة على التردد، وهو باطل أيضا على الصحيح لأن الجزم به لا أصل له بل هو حديث نفس. (إلا إذا اعتقد) أي ظن (كونه منه بقول من يثق به من عبد أو امرأة) أو فاسق (أو صبيان رشداء) أي مختبرين بالصدق، لأن غلبة الظن هنا كاليقين كما في أوقات الصلوات فتصح النية المبيتة عليه حتى لو تبين ليلا كون غد من رمضان لم يحتج إلى تجديد نية أخرى.
تنبيهات: أحدها: جمع الصبية ليس بمعتبر، ففي المجموع لو أخبره بالرؤية مراهق ونوى صوم رمضان فبان منه أجزأه. ثانيها: لو ردد في هذه الحالة فقال: أصوم غدا عن رمضان. فإن لم يكن منه فهو تطوع، وبان منه قال الامام لم يجزه، وجزم به ابن المقري، وقال الأسنوي: المتجه الاجزاء لأن النية معنى قائم بالقلب، والتردد حاصل في القلب قطعا ذكره أم لم يذكره، وقصده الصوم إنما هو بتقدير كونه من رمضان، فكان كالتردد في القلب بعد حكم الحاكم. وذكر نحوه الزركشي، قال: وهو الموافق لما حكاه الامام عن طوائف، وكلام الام مصرح به، ولا نقل يعارضه إلا دعوى الامام أنه ظاهر النص وليس كما ادعى اه‍. وهذا هو المعتمد كما اعتمده شيخي رحمه الله تعالى: ثالثها: ليس المراد بالرشد هنا المراد به في قوله: شرط العاقد الرشد، بل المراد به ما ذكرته. زاد في المهمات: ولا يبعد اجتناب النواهي خصوصا الكبائر
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532