مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٠٣
كتابة فاسدة، فإن فطرته على سيده وإن لم تجب عليه نفقته (وفي المكاتب) كتابة صحيحة (وجه) أنها تجب عليه فطرته وفطرة زوجته ورقيقه في كسبه كنفقتهم، أما الفاسدة فتجب على سيده جزما. (ومن بعضه حر يلزمه) من الفطرة (قسطه) أي بقدر ما فيه من الحرية وباقيها على مالك الباقي، لأن الفطرة تتبع النفقة وهي مشتركة. هذا حيث لا مهايأة بينه وبين مالك بعضه، فإن كانت مهايأة اختصت الفطرة بمن وقعت في نوبته، ومثله في ذلك العبد المشترك. (ولا) فطرة على (معسر) وقت الوجوب للاجماع كما نقله ابن المنذر، وإن أيسر بعد لحظة، لكن يستحب له إذا أيسر قبل فوات يوم العيد الاخراج. ثم حده بقوله: (فمن لم يفضل) بضم الضاد وفتحها، (عن قوته وقوت من) أي الذي (في نفقته ليلة العيد ويومه شئ) يخرجه عن فطرته، (فمعسر) ومن فضل عنه ما يخرجه فموسر، لأن القوت لا بد منه. وقضية كلامهما أن القدرة على الكسب لا تخرجه عن الاعسار وهو ظاهر، وبه صرح الرافعي في كتاب الحج، وأنه لا يشترط كون المؤدى فاضلا عن رأس ماله وضيعته وإن تمكن بدونهما وهو كذلك، وبفارق المسكن والخادم بالحاجة الناجزة.
فإن قيل: قد أوجبوا الكسب لنفقة القريب على البعض. أجيب بأنه لما كان يجب الاكتساب لنفسه لاحيائها، فكذلك يجب لاحياء الوالد والولد.
تنبيه: لو عبر المصنف بالذي كما قدرته كان أولى من من إذ لا فرق بين الآدمي والبهائم لأن من لمن يعقل، نعم يؤتى بها لاختلاط من يعقل بغيره فيصح حينئذ التعبير بمن. (ويشترط) فيما يؤديه في الفطرة (كونه فاضلا) أيضا ابتداء (عن) ما يليق به من (مسكن) يحتاج إليه، (وخادم يحتاج إليه في الأصح) كما في الكفارة بجامع التطهير. والثاني:
لا، لأن الكفارة لها بدل بخلاف الفطرة. والمراد بحاجة الخادم أن يحتاجه لخدمته أو خدمة ممونه. أما حاجته لعمله في أرضه أو ماشيته فلا أثر لها كما في المجموع. وخرج باللائق به ما لو كان نفيسين يمكن إبدالهما بلائق به، ويخرج التفاوت لزمه ذلك كما ذكره الرافعي في الحج، وبالابتداء ما لو ثبتت الفطرة في ذمة إنسان، فإنه يباع فيها مسكنه وخادمه لأنها حينئذ التحقت بالديون، ويشترط أيضا كونه فاضلا عن دست ثوب يليق به وبممونه، كما إنه يبقى له في الديون، ولا يشترط كونه فاضلا عن دينه ولو لآدمي كما رجحه في المجموع ك الرافعي في الشرح الصغير، وجزم ابن المقري في روضه، واقتضاه قول الشافعي رضي الله تعالى عنه والأصحاب: لو مات بعد أن أهل شوال فالفطرة في ماله مقدمة على الديون، وبأن الدين لا يمنع الزكاة، وبأنه لا يمنع نفقة الزوجة والقريب فلا يمنع إيجاب الفطرة. وما فرق به من أن زكاة المال متعلقة بعينه والنفقة ضرورية بخلاف الفطرة فيهما، لا يجدي والمعتمد ما تقرر وإن رجح في الحاوي الصغير خلافه وجزم به المصنف في نكته ونقله عن الأصحاب. (ومن لزمه فطرته) أي فطرة نفسه (لزمه فطرة من تلزمه نفقته) بملك أو قرابة أو زوجية، أي إذا كانوا مسلمين ووجد ما يؤدى عنهم كما علم مما مر، لما روى مسلم أنه (ص) قال: ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر والباقي بالقياس عليه، والجامع وجوب النفقة. ودخل في عبارته ما لو أخدم زوجته التي تخدم عادة أمها لا أجنبية وأنفق عليها، فإنه يجب عليه فطرتها كنفقتها بخلاف الأجنبية المؤجرة لخدمتها كما لا يجب عليه نفقتها، وكذا التي صحبتها لتخدمها بنفقتها بإذنه لأنها في معنى المؤجرة كما جزم به في المجموع، وإن قال الرافعي في النفقات تجب فطرتها. أما من لا تجب عليه نفقته كزوجته الناشزة فلا تجب عليه فطرته إلا المكاتب كتابة فاسدة فتجب فطرته على سيده ولا تجب نفقته، وإلا الزوجة المحال بينها وبين زوجها فتجب فطرتها عليه دون نفقتها، وليس للزوجة مطالبة زوجها بإخراج فطرتها كما في المجموع. قال في البحر: ولو كان الزوج غائبا فللزوجة أن تقترض عليه لنفقتها لا لفطرتها لأنها تتضرر بانقطاع النفقة بخلاف الفطرة، ولان الزوج هو المخاطب بإخراجها، وهكذا الحكم في الأب الزمن، ومراده العاجز. (لكن لا يلزم المسلم فطرة العبد) أولى من الرقيق (والقريب والزوجة الكفار) وإن وجبت نفقتهم،
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532