وقيس الباقي عليه بجامع الاقتيات. وفي القديم لا يجزئ العدس والحمص لأنهما أدمان. (وكذا الاقط في الأظهر) لثبوته في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، ولهذا قطع به بعضهم. وهو بضم الهمزة وكسر القاف، وبإسكانها مع تثليث الهمزة: لبن يابس غير منزوع الزبد، والثاني: لا يجزئ لأنه لا عشر فيه، فأشبه التين ونحوه. وفي معنى الاقط لبن وجبن لم ينزع زبدهما فيجزئان، وإجزاء كل من الثلاثة لمن هو قوته سواء أكان من أهل البادية أم الحاضرة، وقيل يجزئ أهل البادية دون الحاضرة، حكاه في المجموع وضعفه. أما منزوع الزبد من ذلك فلا يجزئ، وكذا لا يجزئ الكشك، وهو بفتح الكاف معروف، ولا يجزئ المختص ولا المصل ولا السمن ولا اللحم ولا مملح من الاقط أفسد كثير الملح جوهره، بخلاف ظاهر الملح فيجزئ، لكن لا يحسب الملح فيخرج قدرا يكون محض الاقط منه صاعا.
(ويجب) الصاع (من) غالب (قوت بلده) إن كان بلديا وفي غيره من غالب قوت محله، لأن ذلك يختلف باختلاف النواحي.
(وقيل) من غالب (قوته) على الخصوص. (وقيل: يتخير بين) جميع (الأقوات) ف أو في الخبرين السابقين على الأولين للتنويع، وعلى الثالث للتخيير. والمعتبر في غالب القوت غالب قوت السنة كما في المجموع لا غالب قوت وقت الوجوب، خلافا للغزالي في وسيطه.
تنبيه: لو قال: من غالب قوت بلده كما قدرت غالب في عبارته لكان أولى، فإنه لو كان للبلد أقوات وغلب بعضها وجب من الغالب، وليحسن قوله بعد ذلك: ولو كان في البلد أقوات لا غالب فيها تخير. (ويجزئ) على الأولين القوت، (الاعلى عن) القوت (الأدنى) لأنه زاد خيرا فأشبه ما لو دفع بنت لبون عن بنت مخاض، وقيل: لا يجزئ، كالحنطة عن الشعير والذهب عن الفضة، وفرق الأول بأن الزكوات المالية تتعلق بالمال، فأمر أن يواسي المستحقين بما أعطاه الله تعالى، والفطرة زكاة البدن فوقع النظر فيها إلى ما هو غذاء البدن وبه قوامه، والأعلى يحصل به هذا الغرض وزيادة. (ولا عكس) لنقصه عن الحق ففيه ضرر على المستحقين. (والاعتبار) في الأعلى والأدنى (بالقيمة في وجه) رفقا بالمساكين، (وبزيادة الاقتيات في الأصح) لأنه المقصود. ثم فرع عليه فقال: (فالبر) لكونه أنفع اقتياتا (خير من التمر والأرز) ومن الزبيب والشعير. قال الماوردي: ولو قيل أفضلها يختلف باختلاف البلاد لكان متجها. ورد بأن النظر للغالب لا للبلد نفسه.
(والأصح أن الشعير خير من التمر) لأنه أبلغ في الاقتيات، (وأن التمر خير من الزبيب) لما مر، فالشعير خير منه بالأولى، والثاني: أن التمر خير من الشعير، وأن الزبيب خير من التمر نظرا إلى القيمة. وعلى الأول ينبغي أن يكون الشعير خيرا من الأرز، وأن الأرز خير من التمر. (وله أن يخرج عن نفسه من قوته) الواجب (وعن قريبه) أو من تلزمه فطرته كزوجته وعبده، أو من تبرع عنه بإذنه. (أعلى منه) لأنه زاد خيرا، وكما يجوز أن يخرج لاحد جبرانين شاتين، وللآخر عشرين درهما.
تنبيه: لو قال: وعن غيره أعلى منه لشمل ما ذكرناه. (ولا يبعض الصاع) المخرج عن الشخص الواحد من جنسين وإن كان أحد الجنسين أعلى من الواجب، كما لا يجزئ في كفارة اليمين أن يكسو خمسة ويطعم خمسة. وخرج بقولنا المخرج عن الشخص الواحد ما لو أخرج عن اثنين كأن ملك واحد نصفي عبدين أو مبعضين ببلدين مختلفي القوت فإنه يجوز تبعيض الصاع، وبقولنا من جنسين ما لو أخرج صاعا من نوعين فإنه جائز إذا كانا من الغالب. (ولو كان في بلد أقوات لا غالب فيها) إذا لم نعتبر قوت نفسه وهو المعتمد كما تقدم، (تخير) إذ ليس تعيين البعض بأولى من تعيين الآخر،