وما قررت به عبارته وهو ما صرح به في التحقيق وإن كان مقتضى عبارته أن الجمعة مخالفة للظهر فيما بعدها. ولو قال: والجمعة كالظهر في الرواتب قبلها وبعدها لكان أولى. (ومنه) أي من القسم الذي لا يسن جماعة (الوتر) بكسر الواو وفتحها، وليس بواجب. أما كونه مطلوبا فبالاجماع، ولقوله (ص): يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر، رواه أبو داود وصححه الترمذي. فإن قيل: هذا أمر وظاهره الوجوب كما يقول به أبو حنيفة. أجيب بأنه محمول على التأكيد لحديث الاعرابي: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع ولخبر الصحيحين في حديث معاذ: إن الله افترض عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة. وهو قسم من الرواتب كما في الروضة كأصلها وظاهر عبارة المحرر، وإن كان ظاهر عبارة المصنف أنه قسيم لها، فلو عبر بقوله ومنها ليعود الضمير على الرواتب لكان أولى. (وأقله ركعة) لخبر مسلم من حديث ابن عمر وابن عباس: الوتر ركعة من آخر الليل. وفي الكفاية عن أبي الطيب أنه يكره الايتار بركعة. وفيه وقفة إذ لا نهي.
وقد روى أبو داود وغيره من حديث أبي أيوب: من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس: أنه (ص) أوتر بواحدة. وأدنى الكمال ثلاث وأكمل منه خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة وهي أكثره كما قال: (وأكثره إحدى عشرة) للأخبار الصحيحة، منها خبر عائشة: ما كان رسول الله (ص) يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة. فلا تصح الزيادة عليها كسائر الرواتب، فإن أحرم بالجميع دفعة واحدة لم يصح، وإن سلم من كل ركعتين صح غير الاحرام السادس فلا يصح وترا. ثم إن علم المنع وتعمد فالقياس البطلان وإلا وقع نفلا كإحرامه بالصلاة قبل وقتها غالطا. (وقيل) أكثره (ثلاث عشرة) ركعة، لاخبار صحيحة تأولها الأكثرون بأن من ذلك ركعتين سنة العشاء، قال المصنف: وهو تأويل ضعيف مباعد للاخبار. قال السبكي: وأنا أقطع بحل الايتار بذلك وصحته، ولكن أحب الاقتصار على إحدى عشرة فأقل لأنه غالب أحواله (ص). ويسن لمن أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى الاعلى، وفي الثانية الكافرون، وفي الثالثة الاخلاص ثم الفلق ثم الناس مرة مرة، وينبغي أن الثلاثة الأخيرة فيما إذا زاد على الثلاثة أن يقرأ فيها ذلك. (ولمن زاد على ركعة) في الوتر (الفصل) بين الركعات بالسلام، فينوي ركعتين مثلا من الوتر لما روى ابن حبان: أنه (ص) كان يفصل بين الشفع والوتر. (وهو أفضل) من الوصل الآتي، لأن أحاديثه أكثر كما قاله في المجموع، ولأنه أكثر عملا لزيادته عليه السلام وغيره. وقيل: الوصل أفضل خروجا من خلاف أبي حنيفة، فإنه لا يصحح الفصل. والقائلون بالأول قالوا: إنما يراعي الشافعي الخلاف إذا لم يؤد إلى محظور أو مكروه، وهذا منه، فإن الوصل فيما إذا وتر بثلاث مكروه كما جزم به ابن خيران. وقال القفال: لا يصح وصلها، وبه أفتى القاضي حسين لخبر: لا توتروا بثلاث ولا تشبهوا الوتر بصلاة المغرب. وقيل: الفصل أفضل للمنفرد دون الإمام، إذ قد يقتدي به حنفي. وعكسه الروياني، لئلا يتوهم خلل فيما صار إليه الشافعي مع أنه ثابت. وهذا كله في الاتيان بثلاث، فإن زاد فالفصل أفضل قطعا كما جزم به في التحقيق، وثلاث فأكثر موصولة أفضل من ركعة فردة لا شئ قبلها. (و) لمن زاد على ركعة (الوصل بتشهد) في الأخيرة، (أو تشهدين في الأخيرتين) للاتباع رواه مسلم. وليس له غير ذلك، فلا يجوز له أن يتشهد في غيرهما فقط أو معهما أو مع أحدهما لأنه خلاف المنقول من فعله (ص). وقد تفهم عبارته استواء التشهد والتشهدين في الفضيلة، وهو وجه، قال الرافعي: إنه مقتضى كلام كثيرين، ولكن الأصح كما في التحقيق أن الوصل بتشهد أفضل منه بتشهدين فرقا بينه وبين المغرب وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، ففي الخبر السابق: (ووقته بين صلاة العشاء وطلوع الفجر) الثاني، لنقل الخلف على السلف. وروى أبو داود وغيره خبر: إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر، فجعلها لكم من العشاء إلى طلوع الفجر. وقال المحاملي: وقته المختار إلى نصف الليل، والباقي وقت جواز، وهو محمود كما قاله البلقيني على من لم يرد التهجد كما يعلم مما سيأتي. وقضية كلام المصنف أنه لو جمع العشاء مع